وحدانية الله تعالى ووجوده والرد على الباطل الذي يتمسك به الكافرون والجاحدون- عقب الله عليها بالالتفات إلى هؤلاء الكافرين يستنهض عقولهم للعبرة والتأمل، ويناقشهم في باطلهم الذي يحتضنونه، بمختلف البراهين والأدلة القاطعة التي يرونها من حولهم.
والآيات تعرض أربعة أصناف من الأدلة تناقش الكافرين على أساسها:
الصنف الأول: أدلة تتعلق بمجموع الكون بما فيه من سماوات وأرض.
الثاني: أدلة تتعلق بكثير من خصائص الأرض وسماتها التي يبصرونها بأعينهم أو عقولهم.
الثالث: أدلة هامة تتعلق بذواتهم وأنفسهم والنعم الحاصلة لهم.
الرابع: دليل النشأة الأولى، وما يستلزمه من دليل الإعادة بعد الموت.
وكما ترى، فإن أسلوب النقاش والاحتجاج على الكافرين بهذه الأدلة، قائم على أساس الاستفهام المتكرر وما يليه من أجوبة عنهم عليها، لما فيها من تقريع وتأنيب ودفع إلى التأمل.
شرح الآيات:
- تأتي الآية الأولى في هذا النص، فاصلة بين قصص الأنبياء السابقين التي ظلّت الآيات السابقة تعرضها من أول السورة، وما يليها من مواجهة الكافرين بالمناقشة والمحاجّة.
والخطاب في هذه الآية الفاصلة موجّه إلى النبي عليه الصلاة والسلام، يأمره فيها- وقد سمع ما أخبر به عن قصص تلك الأمم التي حاق بها الهلاك والدمار وأولئك الأنبياء الذي لاقوا من أقوامهم صنوف الإيذاء- أن يحمد الله عزّ وجلّ على أن خصّ أمته هذه بالرحمة واللطف فقضى أن لا يهلكها بمثل ما أهلك به أولئك الآخرين، رغم تشابه الإعراض والإيذاء في كثير من الحالات، وأن يسلّم على أولئك الذين اصطفاهم الله لتبليغ رسالته فعذبوا واضطهدوا ولم يمنعهم ذلك من القيام بأمر الله عزّ وجلّ.