أسباب النّزول
تبيّن لك مما ذكرناه من نزول القرآن منجّما وأسباب ذلك، أن كثيرا من آيات القرآن كان ينزل بمناسبات ولأسباب.
والواقع أن آيات القرآن تنقسم إلى طائفتين بالنظر لأسباب النزول، فأما الطائفة منها- وهي التي تتعلق بالتشريع والأحكام والأخلاق- فمعظمها كان نزوله مرتبطا بأسباب ووقائع، وأما الطائفة الأخرى- وهي التي تتحدث عن الأمم الغابرة وما حلّ بها أو عن وصف الجنة والنار والقيامة- ففيها الكثير مما نزل ابتداء بدون سبب أو واقعة معينة.
وسنتحدث أولا عن حكمة هذا الأمر، ثم عن أمثلة ونماذج لذلك، ثم عن أهمية معرفة أسباب النزول للتمكّن من تفسير الآيات على وجهها الصحيح، ثم عن أهمية «أسباب النزول» من حيث إنه علم مستقل من علوم القرآن وعن اهتمام العلماء بالكتابة عنه وإفراد التآليف فيه.
أولا- حكمة ارتباط الآيات بأسباب النزول:
ولقد علمت أن في القرآن الكثير مما نزل ابتداء بدون سبب. وإذ تأملت، وجدت أن معظم ما نزل ابتداء إنما هو من نوع الوصف والإخبار، وأن معظم ما نزل بسبب إنما هو من نوع الأوامر والنواهي والتوجيه والإرشاد.
وهذه الظاهرة تدلك على الحكمة في هذا الأمر.
فهذا النوع الثاني من الآيات، إنما شأنه تحويل حياة الناس إلى الأفضل