الرابع: أن يكون الاختلاف في الكلمة بما يغيّر صورتها في الكتاب ولا يغيّر معناها نحو «إن كانت إلا صيحة واحدة» و «إن كانت إلا زقية واحدة».
الخامس: أن يكون الاختلاف بما يزيل صورة الكلمة في الخط ويزيل معناها، دون أن يكون بينهما تضاد نحو: الم تنزيل الكتاب، في موضع: الم ذلك الكتاب.
السادس: أن يكون الاختلاف بالتقديم والتأخير كقوله «وجاءت سكرة الحق بالموت» بدلا من «وجاءت سكرة الموت بالحق».
السابع: أن يكون الاختلاف بالزيادة أو النقص في الحروف والكلم، شريطة أن لا يحدث ذلك حكما لم يقبله أحد نحو «تجري تحتها» بدلا من «تجري من تحتها» [1].
إذا عرفت المعنى المراد بالأحرف السبعة، فلتتساءل عن معنى كون القرآن قد نزل بها.
والجواب أن الله قد أذن لرسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يقرئ أمته القرآن على هذه الأوجه المختلفة بالحدود والضوابط التي أجملنا بيانها، وأن لمن شاء من أمته أن يقرأ بما شاء من هذه الأوجه، بعد أن يكون قد سمعها تلقيا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وبذلك تعلم أن اختلاف القراءة من وجه إلى آخر لم يقع ولا يجوز أن يقع بالتشهي، بأن يغيّر كل قارئ الكلمة إلى مرادفها أو إلى وجه آخر من كيفية النطق بها. بل ذلك- كما قال الزرقاني على الموطأ- مقصور على السماع منه صلّى الله عليه وسلّم، كما يشير إليه قول كلّ من عمر وهشام، في الحديث السابق ذكره:
أقرأني النبي صلّى الله عليه وسلّم [2].
وقال القاضي أبو بكر الباقلاني: الصحيح أن هذه الأحرف السبعة [1] انظر الإبانة لمكي بن طالب ص 37 - 42. [2] انظر الزرقاني على الموطأ 1 - 363.