وبيان ذلك أن الأحرف السبعة تتفاوت في درجة تخالفها وتباعدها عن بعضها، كما مرّ بيانه. فمنها ما يتعلق بكيفية النطق والأداء من قصر ومد ونحوهما دون أن تتغير به صورة الخط، ومنها ما يتغير به صورة الخط والرسم كإبدال كلمة بأخرى ...
فلما جمع عثمان الصحابة على خط واحد، وهو حرف قريش، ومنع المسلمين من القراءة بما خالفه، وقد كان خط المصحف خاليا- إذ ذاك من النقط والشكل- بقيت الأوجه الخاضعة لذلك الحرف الباقي، معتمدة في القراءة والتعبّد بها، طالما ثبتت روايتها عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم بالتواتر.
إذ الذي بطلت القراءة به من مجموع الأحرف السبعة، سواء قلنا إن ذلك كان في آخر عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو في عهد عثمان، إنما هو كل ما خالف حرف قريش ولم يقبله التأويل بحال، فبقي ما كان مندرجا ضمنه على أصله من الاعتماد وصحة القراءة به.
وهذا القدر المتفق مع الخط المعتمد للمصحف، من مجموع الأحرف السبعة، هو الذي سمي فيما بعد بالقراءات.