فالهلوع جامع، وهو ضيق الذرع. وقال تعالى:
{وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ} [1].
فالصبر جامع، وهو تثبت النفس واستقامتها [2]. والقرآن ربما يُبيّن الوجوه بعد الجامع، وربما يُبيّنها في مواضع مختلفة كبيانه "الإسلام" و "الإيمان".
(2) الفرق بين الجامع والمشترك أن المشترك إنما يراد به أحدُ معانيه، وأما الجامع فربما يُراد به المعنى الجامع، وربما يُراد به أحدُ الوجوه نصّاً لجهة النظم والباقي إشارة أو تساوِياً، أو يراد أحد الوجوه. والجامع كقوله تعالى:
{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [3].
وكقوله:
{أَحَدٌ [1] اللَّهُ الصَّمَدُ} [4].
فكلمة "أحد" جامعة لكل ما يدل عليه من اللوازم. ومحض وجود المعنى الجامع الذي انشقّت منه المعاني لا يخرج اللفظ عن المشترك، مثل "الكتاب" للوحي، والشريعة، والعهد؛ [5] أو "القطيعة" لجماعة من الغنم وقطع الرحم. اللهم إلا إذا أمكن الجمع بين الوجوه دخل في الجامع، فحينئذٍ يكون الفرق دقيقاً.
أيضاً في الجامع يكون دلالة اللفظ بالذات على معنى جامع، وفي المشترك ربما يكون المأخذ جامعاً ولا التفات إليه، مثلاً "العصر" مشترك بين آخر النهار والزمان الماضي [6]، والمأخذ جامع، ولكن اللفظ لا يشير بدلالته [1] سورة البقرة، الآية: 177. [2] انظر (الصبر) في هذا الكتاب ص 288. [3] سورة العصر، الآية: 3، وانظر تفسير سورة العصر للمؤلف. [4] سورة الإخلاص، الآيتان: 1، 2، وانظر تفسير سورة الإخلاص للمؤلف. [5] انظر كلمة (الكتاب) في ص 233. [6] انظر (العصر) في هذا الكتاب ص 222، وتفسير سورة العصر للمؤلف.