{إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [1].
ثم هو إيفاء للحقوق الناشئة بالاختيار من العهود والأيمان، ومنه: بَرَّ باليمين. ومن هذه الجهة صار مضاهئاً للعدل. فالبِرّ خلاف الإثم، والعقوق، والغَدر، والظلم. وبَرَّةُ: عَلَم له. وَالبَرُّ والبَارُّ: وصفٌ منه. هو بَرٌّ لوالده: مطيع له. وبرَّ بالقسم: أوفاه. قال زُهَير:
ومَنْ يُوفِ لا يُذمَمْ ومَنْ يُهْدَ قَلْبُه ... إلَى مُطْمَئِنِّ الْبِرِّ لا يَتَجَمْجَمِ (2)
وقال نابغة بني ذبيان:
إنَّا اْقتَسَمْنَا خُطَّتَينَا بَيْنَنَا ... فَحَمَلْتُ بَرَّةَ وَاحْتَمَلْتَ فَجَارِ (3)
وقال أيضاً في قصة [4] غدر امرئ بحيّة لدغَتْ أخاه ([5]): [1] سورة الطور، الآية: 28.
(2) من معلقته. وهي في ديوانه (الأعلم): 27، وجمهرة الأشعار: 298 وشرح ابن الأنباري: 282 وفيها جميعاً: يُفضِ قلبه. وفي شرح الزوزني: 70 "يهُدَ" كما هنا. لا يتجمجم: لا يرّدد.
(3) من قصيدته التي يهجو بها زُرعة بن عمرو الكِلابي. انظر ديوانه: 55 والبيت وحده في إصلاح المنطق: 366، واللسان (برر، فجر) والبيت من شواهد سيبويه 3: 274 وانظر التخريج هناك. فَجارِ: علم للفجور، يعني الغَدْر. [4] والقصة كما ذكرها ابن قتيبة في الشعراء: 161 عن المنفضل الضبي أنه امتنعت بلدة على أهلها بسبب حية غلبت عليها، فخرج أخَوانِ يُريدانها، فوثبت على أحدهما، فقتلته، فتمكن لها أخوه في السلاح، فقالت، هل لك أن تؤمنني، فأعطيك كل يوم ديناراً؟ فأجابها إلى ذلك، حتى أثرى، ثم ذكر أخاه، فقال: كيف يَهنِئُني العيش بعد أخي! فأخذ فأساً، وصار إلى جحرها، فتمكن لها، فلما خرجت ضربها على رأسها، فأثّر فيه، ولم يُمعن، ثم طلب الدينار حين فاته قتلها، فقالت: إنه ما دام هذا القبر بفنائي، وهذه الضربة برأسي، فلست آمنك على نفسي. وانظر مروج الذهب 2: 129 والميداني 3: 27 - 29 والخزانة 8: 418 - 419. [5] في الأصل والمطبوعة: ابنه، والتصحيح من المصادر.