وتقل الشواهد الشعرية أو تكثر حسب ما يقتضي تحقيق معنى الكلمة، ولكن لا ننسى أن الكتاب لم تخرج من المسودة، فلو قدر للمؤلف إكماله لنقل كثيراً من الشواهد التي أشار إليها في طرر الدواوين إلى مواضعها من هذا الكتاب.
وتمتاز الشواهد الشعرية التي ساقها المؤلف في هذا الكتاب أو غيره نحو كتاب الأساليب وأجزاء التفسير أنها منسوبة جميعاً إلا ما ندر. ويعتمد المؤلف في نقلها على دواوين الشعراء والمجموعات الشعرية كالمفضليات وجمهرة أشعار العرب وحماسة أبي تمام وشعراء النصرانية، وقد ينقلها من لسان العرب. ومعظم الشواهد للشعراء الجاهليين، وقليل منها لغيرهم من الإسلاميين والأمويين.
ثم إن عدداً كبيراً من شواهد المؤلف شواهد جديدة لم ترد في مظانها من كتب التفسير والغريب والمعاجم، مع أنها وردت في الدواوين المشهورة التي رواها علماء اللغة، وكانت خليقة بالتقييد لكونها تهدي إلى معنى جديد لبعض الكلمات أو وجه جديد من وجوهه أو تفسير أدق من تفسيره المعروف.
وقد أشاد العلامة السيد رشيد رضا رحمه الله بمنهج الفراهي هذا في تفسير ألفاظ القرآن وأساليبه، إذ وقف على بعض أجزاء تفسيره، فقال يصف منهجه: "وإنه ليكثر الرجوع باللغة إلى مواردها، والصدور عنها ريان من شواهدها". وللتدليل على ذلك نقل تفسير الفراهي لكلمة (الصغو) في قوله تعالى {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} من كتابه (تفسير سورة التحريم).
3 - كما لا يعتمد المؤلف على المنحول من كلام العرب، لا يلتفت كذلك في تفسير ألفاظ القرآن إلى المعنى الشاذ. وهو عنده من الأصول الأولية للتأويل فقال في مقدمة التفسير: "يجب أن نترك المعنى الشاذ الذي لم يثبت في اللغة كما قيل في معنى (التمني) إنه هو التلاوة. وما فزعوا إلى هذا المعنى الشاذ الذي لم يثبت إلا فراراً من بعض الإشكال. وهذا أفتح لأبواب الفتنة واختلاف الأمة ... " [1]. [1] فاتحة نظام القرآن: 13.