نام کتاب : لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - كتاب نویسنده : السامرائي، فاضل صالح جلد : 1 صفحه : 160
وهناك لمسة فنية لطيفة في اختيار نوع العذاب في هذا السياق، ذلك أنه قال: {كَلاَّ إِنَّهَا لظى * نَزَّاعَةً للشوى * تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وتولى * وَجَمَعَ فأوعى} .
ومن معاني (الشوى) جلد الإنسان فهي، أي: جهنم تنزعُ جلدَ الإنسان وتُبقي الأحشاءَ بلا جلد. والجلدُ للأحشاء كالوعاء للمال يحفظُ ما في داخله، فإن هذا الشخص كما أوعى ماله ومنعه حقه، سيمزقُ اللهُ وعاء جسمه ويخرج ما في داخله. ولا شك أن جلده ووعاء نفسه أحبّ إليه من المال ومن كل شيء، ألا ترى أنه يقال للمطلوب: (انجُ بجلدك) ؟ فانظر التناسقَ الجميلَ بين المعصية والعذاب، والجزاء من جنس العمل.
ثم قال بعد ذلك:
{والذين يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدين} .
ويوم الدين يوم القيامة، واختيار ذكر التصديق بيوم الدين دون غيره من أركان الإيمان ههنا له سَببهُ، ذلك أن جَوَّ السورة في الكلام على هذا اليوم، فقد قال في أوائل السورة: {تَعْرُجُ الملائكة والروح إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} وهذا اليوم هو يوم القيامة، كما جاء في الحديث الصحيح.
وقال عن هذا اليوم: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً} أي: أن الكفار يستبعدون وقوعه ويرونه محالاً، في حين أن هؤلاء المعافَين يُصدِّقون به.
وقال: {يَوْمَ تَكُونُ السمآء كالمهل * وَتَكُونُ الجبال كالعهن} .
نام کتاب : لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - كتاب نویسنده : السامرائي، فاضل صالح جلد : 1 صفحه : 160