نام کتاب : شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي نویسنده : الطيار، مساعد جلد : 1 صفحه : 177
«بيان أحكام القرآن أو مغيباته»، فهذان لا يمكن لأحد ألبتة أن يزيد عليهما؛ لأن الزيادة في مثل هذا تعتبر تنقيصاً في حقِّ النبي صلّى الله عليه وسلّم. وادِّعاءُ أن بيانه صلّى الله عليه وسلّم كان ناقصاً مستحيلٌ؛ لأنه أوتي جوامع الكلم، وكان بيانه في غاية التمام والوضوح.
مثال: تفسيره لحكم من أحكام القرآن، وما ورد في تفسيره لاعتزال النساء في المحيض، لما سأله الصحابة عن ذلك؛ لأن اليهود كانوا أهل كتاب، وكانوا يفعلون ذلك فيعتزلونهن في المحيض، ولا يؤاكلوهن ولا يشاربوهنَّ، ولا ينامون معهن.
فالصحابة رضي الله عنهم ـ خصوصاً الأنصار ـ كانوا يقتدون ببعض أفعال اليهود، فسألوا الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن هذا هل هو من دين الله؟ فأنزل الله سبحانه وتعالى قوله: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]، وهذا فيه عموم، ولو بقِيَ النصُّ على عمومه لفُهِمَ أن النساء تُعتَزَل في المحيض اعتزالاً تاماً: عن الأكل والشرب والنوم وغيره، لكن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال في تفسير الاعتزال: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» [1]، فدل على أن العموم الوارد في هذه الآية ليس مراداً منه جميع الاعتزال، وإنما المراد الاعتزال في النكاح فقط، وهذا فيه مخالفة لليهود.
ولا يجوز لأحد أن يأتي بقول يخالف قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم ويزيد عليه بدعوى احتمال معنى الاعتزال لأنواع أخرى غير النكاح، فالرسول صلّى الله عليه وسلّم خصَّ هذا العموم بالنكاح فقط، ولا يحتمل ـ بعد بيانه ـ دخول أي نوع من الاعتزال غير ما ذكر.
ومثال القضايا الغيبية التي لا يمكن إدراكها إلا بخبر المعصوم، وما لم يدرك من خبره صلّى الله عليه وسلّم لا يمكن أن يقال به، ما وقع من سؤال الصحابة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن حياة الشهداء لما نزلت الآية في ذلك، وهي [1] أخرجه مسلم في كتاب الحيض، ورقم الحديث (302).
نام کتاب : شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي نویسنده : الطيار، مساعد جلد : 1 صفحه : 177