نام کتاب : دراسات في علوم القرآن نویسنده : محمد بكر إسماعيل جلد : 1 صفحه : 275
ومرادهم بالنَّسْخِ هنا معناه الواسع الشامل لتخصيص العام وتقييد المطلق, وغير ذلك كما بيناه في مفهوم النَّسْخِ عند السَّلَفِ في أول هذا المبحث.
17- قوله تعالى: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [1].
قيل: منسوخة بقوله سبحانه: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [2]؛ لأن الآية خبر بمعنى النهي، بدليل قراءة "لا ينكح" بالجزم, والقراءات يفسِّر بعضها بعضًا.
والأصح عندي -والله أعلم- أنه لا نسخ في الآية؛ لأن الآية لها معانٍ يمكن أن تُحْمَلَ عليها؛ بحيث لا تتعارض مع قوله: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [3].
فمن معانيها: أن الزاني لا يطأ إلا زانية أو مشركة, أي: لا يطاوعه على مراده من الزنا إلا زانية عاصية أو مشركة لا ترى حرمة ذلك، وكذلك {الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَان} أي: عاصٍ بزناه، {أَوْ مُشْرِك} لا يعتقد تحريمه.
وهذا قول ابن عباس -رضي الله عنهما، رواه عنه أكثر من واحد بطرق صحيحة كما يقول ابن كثير[4].
وكذلك روى نحوه عن مجاهد وعكرمة، وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير، والضحاك، ومكحول، ومقاتل بن حيان.
ومن معانيها: الزاني لا يتزوج إلا زانية، أي: معروفة بالزنى؛ لأنه لا يرضى أن يتزوج بها إلا مثلها.
وقراءة {لا يَنْكِح} بالجزم, وهي المروية عن عمرو بن عبيد[5] على النهي. تدل على حرمة نكاح الزانيات إلّا إذا ظهرت توبتهن, وآية {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى} [1] النور: 3. [2] النور: 32. [3] النور: 32. [4] انظر ج6 ص7. [5] انظر البحر المحيط ج6 ص431.
نام کتاب : دراسات في علوم القرآن نویسنده : محمد بكر إسماعيل جلد : 1 صفحه : 275