عليك" [1]، فأخبر تعالى أن القرآن لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء بل يقرؤه في كل حال، كما جاء في صفة أمته" أناجيلهم في صدورهم2".
وقد ساعدهم على حفظه نزوله منجماً ومفرقاً، ولم يكن هم الصحابة حفظ ألفاظ القرآن فحسب، بل جمعوا إلى حفظ اللفظ فهم المعنى، وتدبر المراد، والعمل بمقتضى ما تضمنه من الأحكام والآداب.
قال أبو عبد الرحمن السلمي[3]: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن.. أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً[4].
ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة الواحدة، وهذا هو السر فيما روى أن ابن عمر رضي الله عنهما أقام على حفظ سورة البقرة ثمان سنين[5].
أ - كتابته كله حروفاً وكلمات وآيات وسوراً.
وقد حدث ذلك في الصدر الأول ثلاث مرات:
الأولى: في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم ينادي واحداً من كتاب الوحي فيأمره بكتابة ما نزل عليه من الوحي، وكان صلى الله عليه وسلم يرشدهم [1] مسلك: صفة الجنة ونعيمها، رقم: 2865، مسند أحمد برقم: 17414 (13/387) ، وانظره في الوجيز للقرطبي ص:175.
2 النشر: 1/6. [3] هو عبد الله بن حبيب بن ربيعة السلمي الكوفي، التابعي الجليل، شيخ الحسنين (رضي الله عنهما) ،ثقة ثبت، إليه انتهت القراءة تجويداً وضبطاً، توفي بعد (70هـ) ، غاية النهاية:1/141، معرفة القراء: 1/52، التقريب: 1/408. [4] أخرجه أحمد في مسنده (5/410) ،وانظره في مجمع الزوائد للهيثمي (1/165) ، والوجيز للقرطبي ص:137. [5] الموطأ، باب ما جاء في القرآن: رقم: 11، 1/205.