وهذه – في الحقيقة - سلسلة مترابطة ومتواصلة لعناية المسلمين حكاماً وشعوباً وأفراداً وجماعات بالقرآن الكريم – كلام الله - عملاً بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:
"القرآن أفضل من كل شيء، فمن وقَّر القرآن فقد وقَّر الله، ومن استخف بالقرآن فقد استخفّ بحق الله تعالى"[1].
والأمة الإسلامية عنيت بالقرآن الكريم عناية فائقة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، فقد حفظت لفظه، وكشفت عن معانيه، واستقامت على العمل به عملاً بقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} (فصلت: 30) ، وأفنت أعمارها في البحث والدراسة فيه، وفي الكشف عن أسراره، ولم يترك علماء المسلمين ناحية من نواحيه إلا أشبعوها بحثاً وتمحيصاً، وألفوا في ذلك مؤلفات قيمة في التفسير، والقراءات وما يتعلق بها من علوم كعلم الرسم والضبط والفواصل (عد الآي) والوقف والابتداء، وتوجيه القراءات، وألفوا في فضائل القرآن وآداب تلاوته، وأحكام القرآن، وفي الناسخ والمنسوخ، وأسباب النزول، وفي إعجاز القرآن، وغريبه، وإعرابه، وقصصه، وفي أمثاله وأقسامه، ومنهم من ألف في تناسب آياته وسوره… إلى غير ذلك من علوم ومعارف يقول فيها الإمام بدر الدين الزركشي2: [1] الوجيز في فضائل الكتاب العزيز للقرطبي، ص:97، وقد ذكره السيوطي في الجامع الكبير وعزاه إلى أبي نصر السجزي في الإبانة، والحكيم الترمذي في النوادر (مرسلا) ، والحاكم في تاريخه (موصولاً) ، انظر هامش الوجيز.
2 هو بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي أحد العلماء الأثبات، ولد في القاهرة سنة (745هـ) ، له مؤلفات مفيدة وكثيرة عد منها محقق البرهان (33) كتاباً، توفي في مصر سنة: (794هـ) ، ترجمته في: حسن المحاضرة للسيوطي:1/185، الدرر لابن حجر: 3/397، الشذرات لابن العماد: 6/335.