responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ نزول القرآن نویسنده : محمد رأفت سعيد    جلد : 1  صفحه : 104
ولذلك لمّا قرأ النبى صلّى الله عليه وسلم: وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) قام وقال: الله أكبر، فكبرت خديجة وعلمت أنه الوحى من الله تعالى وصار هذا اللفظ فى تكبير العبادات كلها أذانا- بعد ذلك- وصلاة وذكرا، وصار من موارده أوقات الإهلال بالذبائح لله تخليصا له من الشرك وإعلانا باسمه فى النسك.
«طهارة المظهر» فالدعوة التى جاء بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى الناس لا تفرق بين ظاهر وباطن، بل تجمل الاثنين معا وترى أنهما مترابطان وينبغى أن يكونا معا ظاهرين، فتبنى النفس على الطهر ويجمل الظاهر كذلك بالطهر، فالمسلم جميل نظيف طاهر فى مجتمعه وينبغى أن يرى الناس منه ذلك: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (4)، ولذلك جاء فى بيان هذه الآية الكريمة أقوال متضافرة لأداء هذا المعنى، فمنها: تطهير الثياب الظاهرة، ومنها: الأعمال كلها يقصد بتطهيرها؛ تخليصها والنصح بها وإبقائها على أكمل الوجوه وتنقيتها من المبطلات والمفسدات والمنقصات ومن شر ورياء ونفاق وعجب وتكبر وغير ذلك.
ومن مدعمات النفس فى سورة «المدثر» ما جاء فى قوله تعالى: وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وجاء فى بيان الرجز ما ذكره مجاهد وعكرمة من هجر الأوثان، ودليله قوله تعالى فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ [الحج: 30] وأما ابن عباس يزيد على هذا المعنى هجر المآثم أى تركها ويذكر ذلك أيضا إبراهيم النخعى حيث يقول: الرجز الإثم، والرّجز والرّجز لغتان مثل الذّكر والذّكر، وأصل الرجز: العذاب، قال الله تعالى:
لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ [الأعراف: 134]، وقال تعالى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ [الأعراف: 162]، فسميت الأوثان رجزا لأنها تؤدى إلى العذاب وكذلك الآثام، وتكون تقوية النفس- إذن- بهجر أصل الشرور والآثام من الشرك والتعلق بالأوثان، واقتران الآثام بالبناء المبكر للنفس المسلمة يأخذ بيدها جملة وتصفيتها ظاهرا
وباطنا.
ثم يأتى توجيه آخر فى تدعيم النفس يتمثل فى قوله تعالى: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6). وهذا بناء قوى تحتاجه النفس المسلمة فى هذا الوقت المبكر، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم إمام المربين وقدوة المؤمنين فيخاطب فى هذه السورة بجملة هذه الآداب والأخلاق، فالنعمة عظيمة وهى منة الله على خلقه جميعا، والأذى شديد من المشركين ولا بدّ من توجيه النفس حتى تضع كل أمر فى موضعه، فلا تمنن النفس على الرب سبحانه بما تتحمله من أثقال، ولا تضعف أن تستكثر من الخير، ولا تعظم النفس عملها فى عينها، فإنه مما أنعم الله به عليها قال ابن كيسان: لا تستكثر عملك فتراه من

نام کتاب : تاريخ نزول القرآن نویسنده : محمد رأفت سعيد    جلد : 1  صفحه : 104
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست