responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : ابن العربي    جلد : 1  صفحه : 454
الْقَصْدَيْنِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُجَوِّزْهُ، لَمْ يُبْطِلْ الْآخَرَ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ.
وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، فَيُرَدُّ مَا أَبْطَلَ الشَّرْعُ وَيَمْضِي مَا لَمْ يَعْتَرِضْ فِيهِ. وَأَمَّا رُجُوعُ الْمُضَارَّةِ إلَى الدَّيْنِ فَبِالْإِقْرَارِ فِي حَالَةٍ لَا يَجُوزُ فِيهَا لِشَخْصٍ الْإِقْرَارُ لَهُ بِهِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ أَوْ لِصِدِّيقٍ مُلَاطِفٍ لَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا إذَا تَحَقَّقْنَا الْمُضَارَّةَ بِقُوَّةِ التُّهْمَةِ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّنَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ رَأْسًا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَصِحُّ.
وَمَطْلَعُ النَّظَرِ أَنَّا لَمَحْنَا أَنَّ الْمَوْرُوثَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ هِبَتَهُ لِوَارِثِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ وَصِيَّتَهُ لَهُ لَا تَجُوزُ، وَقَدْ فَاتَهُ نَفْعُهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ عَمَدَ إلَى الْهِبَةِ فَأَلْقَاهَا بِصُورَةِ الْإِقْرَارِ لِتَجَوُّزِهَا؛ وَيُعَضِّدُ هَذِهِ التُّهْمَةَ صُورَةُ الْقَرَابَةِ وَعَادَةُ النَّاسِ بِقِلَّةِ الدِّيَانَةِ. وَمَطْلَعُ نَظَرِ أَبِي حَنِيفَةَ نَحْوٌ مِنْهُ؛ لَكِنَّهُ رَبَطَ الْأَمْرَ بِصِفَةِ الْقَرَابَةِ حِينَ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْوُقُوفُ عَلَى التُّهْمَةِ، كَمَا عُلِّقَتْ رُخَصُ السَّفَرِ بِصُورَةِ السَّفَرِ حِينَ تَعَذَّرَ الْوُقُوفُ عَلَى تَحْرِيرِ الْمَشَقَّةِ وَوُجُودِهَا.
وَرَاعَى الشَّافِعِيُّ فِي نَظَرِهِ أَنَّ هَذِهِ حَالَةُ إخْبَارٍ عَنْ حَقٍّ وَاجِبٍ يُضَافُ إلَى سَبَبٍ جَائِزٍ فِي حَالَةٍ يُؤْمِنُ فِيهَا الْكَافِرُ، وَيَتَّقِي فِيهَا الْفَاجِرُ، وَيَتُوبُ فِيهَا الْعَاصِي، فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ، وَجَوَّزَهُ. فَإِنْ قَالَ: الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الْمَرَضُ. قُلْنَا: وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ حُجَّةً شَرْعِيَّةً [فَإِنَّ الْهِبَةَ صِلَةٌ شَرْعِيَّةٌ]، وَلَكِنْ حَجَرَهَا الْمَرَضُ. كَذَلِكَ تَحْجُرُ التُّهْمَةُ الْإِقْرَارَ، وَكَمَا رَدَّتْ التُّهْمَةُ الشَّهَادَةَ أَيْضًا.
وَأَمَّا نَظَرُ أَبِي حَنِيفَةَ إلَى صُورَةِ الْقَرَابَةِ فَفِيهِ إلْغَاءُ الْعِلَّةِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهَا وَقَصْرٌ لَهَا عَلَى مُورِدِهَا. وَيَنْبَغِي أَنَّ تَطَّرِدَ الْعِلَّةُ حَيْثُ وُجِدَتْ مَا لَمْ يَقِفْ دُونَهَا دَلِيلُ تَخْصِيصٍ، فَعَلَى هَذَا إذَا وَجَدْنَا التُّهْمَةَ فِي غَيْرِ الْقَرِيبِ مِنْ صَدِيقٍ مُلَاطِفٍ حَكَمْنَا بِبُطْلَانِ الْإِقْرَارِ، وَكَمْ مِنْ صَدِيقٍ أَلْصَقُ مِنْ قَرِيبٍ وَأَحْكُمُ عُقْدَةً فِي الْمَوَدَّةِ.

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : ابن العربي    جلد : 1  صفحه : 454
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست