وروى في الباب نفسه من حديث أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلاً، حَتَّى أَتَى المَسْجِدَ ... » [28].
وروى في (بَابُ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الخُيَلاَءِ) عن أبي هريرة: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ [يَوْمَ القِيَامَةِ] إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا» [29].
وعن أبي هريرة أيضًا قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ، تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ، إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ» [30].
وعن ابن عمر ـ ونحوه عن أبي هريرة أيضًا: «[بَيْنَا] رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ، إِذْ خُسِفَ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلَّلُ فِي الأَرْضِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ» [31].
وقد روى مسلم حديث أبي هريرة هذا والذي قبله , وروى حديث ابن عمر من جملة طرق منها سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، يَقُولُ: «مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ لاَ يُرِيدُ بِذَلِكَ إِلاَّ المَخِيلَةَ، فَإِنَّ اللهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» [32] , ففي الرواية ذكر قيد (الخُيَلاَءِ) بطريق الحصر الصريح (لاَ يُرِيدُ بِذَلِكَ إِلاَّ المَخِيلَةَ) فلم يدع مجالاً لمتأول.
والإمام النووي , في شرح حديث (المُسْبِلِ إِزَارَهُ) ـ وهو رجل لا يتهم بالتساهل , بل هو أميل إلى الأخذ بالعزائم والأحوط كما يعرف الدارسون يقول ([33]): [27] نفسه ص 254 حديث (5784). [28] المصدر السابق. الحديث (5785). [29] الحديث (5788) والبطر: التكبر والطغيان، ومعنى يتجلجل: يسوخ في الأرض مع اضطراب شديد، ويندفع من شق إلى شق. [30] الحديث (5789). [31] الحديث (5790).
(32) " صحيح مسلم بشرح النووي "، ط. الشعب: جـ 4 ص 795 باب تحريم جر الثوب خيلاء. [33] المصدر نفسه: جـ 1 ص 305.
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 105