نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 107
إسباله وتطويله ـ مجردًا من أي قصد سيء ـ فهو أليق بوادي المكروهات التنزيهية.
إنما الذي يهم الدين هنا , ويوجه إليه أكبر العناية هو النيات والمعاني القلبية وراء السلوك الظاهري. الذي يهتم الدين بمقاومته هنا هو: الخيلاء والعجب والكبر والفخر والبطر , ونحوها , من أمراض القلوب وآفات الأنفس , والتي لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة منها.
فهذا مما يؤيد كل التأييد تقييد الوعيد الشديد الوارد في الإسبال بمن قصد الخيلاء , كما دلت عليه الأحاديث الأخرى.
ومعنى آخر , يضاف إلى ما قلناه , وهو: أن أمر اللباس يخضع في كيفيته وصورته إلى أعراف الناس وعاداتهم , التي تختلف أحيانًا باختلاف الحر والبرد , والغنى والفقر , والقدرة والعجز , ونوع العمل , ومستوى المعيشة , وغير ذلك من المؤثرات.
والشارع هنا يخفف عن الناس القيود , ولا يتدخل لا في حدود معينة لمنع مظاهر السرف والترف في الظاهر , أو قصد البطر والخيلاء في الباطن , ونحو ذلك مما هو مفصل في موضعه [35].
ولهذا ترجم الإمام البخاري في أول (كتاب اللباس) من " صحيحه " [36] بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: 32] وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ» [37]. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " كُلْ مَا شِئْتَ، وَالبَسْ مَا شِئْتَ، مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ: سَرَفٌ، أَوْ مَخِيلَةٌ " [38]. [35] انظر كتابنا " الحلال والحرام "، فصل: الملبس والزينة. [36] انظر " الفتح ": جـ 10/ 252. [37] ذكره البخاري معلقًا بصيغة الجزم، وذكر الحافظ أنه لم يصله في موضع آخر. وقد وصله الطيالسي والحارث بن أبي أسامة في " مسنديهما " من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وليس في رواية الطيالسي (فِي غَيْرِ ... الخ) ولا في رواية الحارث (وَتَصَدَّقُوا) ووصله ابن أبي الدنيا بتمامه في كتاب " الشكر " (" الفتح ": جـ 10/ 253). [38] قال الحافظ: وصله ابن أبي شيبة في " مصنفه ". المصدر السابق.
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 107