وأما الحديث الذي يُرْوَى عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ فِي الخَضْرَوَاتِ صَدَقَةٌ». فضعيف الإسناد لا يحتج بمثله , فضلاً عن أن يخصص به عموم القرآن والأحاديث المشهورة.
وقد رواه الترمذي ثم قال: «إِسْنَادُ هَذَا الحَدِيثِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، [وَلَيْسَ يَصِحُّ] فِي هَذَا البَابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ» [2].
حَدِيثُ «الوَائِدَةُ وَالمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ»:
ومن حق المسلم أن يتوقف في أي حديث يرى معارضته لمحكم القرآن إذا لم يجد له تأويلاً مستساغًا.
وقد توقفت في حديث رواه أبو داود وغيره «الوَائِدَةُ وَالمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ» [3].
حين قرأت الحديث انقبض صدري وقلت: لعل الحديث ضعيف , فليس كل ما رواه أبو داود في " سننه " صَحِيحًا , كما يعلم أهل هذا الشأن , ولكن وجدت مَنْ نَصَّ عَلَى صِحَّتِهِ. ومنهم الشيخ الألباني في " صحيح الجامع الصغير "، و" صحيح أبي داود "!.
ومثله: «الوَائِدَةُ وَالمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ , إِلاَّ أَنْ تُدْرِكَ الوَائِدَةُ الإِسْلاَمَ فَتَسْلَمُ» (4)
أي أن للوائدة فرصة للنجاة من النار , والموءودة لا فرصة لها!
وهنا تساءلت كما تساءل الصحابة من قبل حين سمعوا من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا [1] انظر " أحكام القرآن " لابن العربي، ط. عيسى الحلبي، القسم الثاني: ص 749 - 752. [2] انظر: " الترمذي "، كتاب الزكاة - باب ما جاء في زكاة الخضروات، و" صحيح الترمذي بشرح ابن العربي ": (3/ 132، 133).
(3) " أبو داود " برقم (4717) عن ابن مسعود - وابن حبان والطبراني عن الهيثم بن كليب. وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح (" الفيض ": ج 6/ 371).
(4) رواه أحمد والنسائي عن سلمة بن يزيد الجعفي - كما في " صحيح الجامع الصغير ".
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 116