responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف    جلد : 1  صفحه : 148
جَرِير بن عبد الله وذكر أن جماعة لم يذكروا جَرِيرًا أَيْ رَوَوْهُ مُرْسَلاً , وهو الذي اقتصر عليه النسائي , وأخرجه الترمذي مُرْسَلاً , وقال: هذا أصح , ونقل عن البخاري تصحيح المرسل. ولكنه لم يخرجه في " صحيحه " ولا هو على شرطه. والاحتجاج بالمرسل فيه الخلاف المشهور في علم الأصول , ولفظ الحديث: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً إِلَى خَثْعَمٍ فَاعْتَصَمَ نَاسٌ بِالسُّجُودِ، فَأَسْرَعَ فِيهِمُ القَتْلَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ لَهُمْ بِنِصْفِ العَقْلِ (أَيْ الدِّيَةِ) وقال: «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ المُشْرِكِينَ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلِمَ؟ قَالَ: «لاَ تَتَرَاءَى نَارَاهُمَا».

فجعل لهم نصف الدية وهم مسلمون , لأنهم أعانوا على أنفسهم , وأسقطوا نصف حقهم [1] بإقامتهم بين المشركين المحاربين لله ولرسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , وَشَدَّدَ في مثل هذه الإقامة التي يترتب عليها مثل ذلك من القعود عن نصر الله ورسوله , والله تعالى يقول في أمثال هؤلاء: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلاَيَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [الأنفال: 72].

فنفي الله تعالى ولاية المسلمين غير المهاجرين إذا كانت الهجرة واجبة [2] , فمعنى قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ المُشْرِكِينَ» أي بريء من دمه إذا قتل , لأنه عَرَّضَ نفسه لذلك بإقامته بين هؤلاء المحاربين لدولة الإسلام.
ومعنى هذا: أنه إذا تغيرت الظروف التي قيل فيها النص , وانتفت العلة الملحوظة من ورائه مِنْ مَصْلَحَةٍ تُجْلَبُ , أَوْ مَفْسَدَةٍ تُدْفَعُ , فالمفهوم أن ينتفي الحكم الذي ثبت من قبل بهذا النص , فالحكم يدور مع علته وُجُودًا وَعَدَمًا.

[1] قال الإمام الخطابي في تعليل إسقاط نصف الدية: «لأَنَّهُمْ قَدْ أَعَانُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِمَقَامِهِمْ بَيْن ظَهْرَانَيْ الكُفَّار فَكَانُوا كَمَنْ هَلَكَ بِجِنَايَةِ نَفْسِهِ وَجِنَايَةِ غَيْرِهِ [فَسَقَطَ] حِصَّةُ جِنَايَتِهِ مِنَ الدِيَّةِ».
[2] كما كانت الهجرة واجبة في أول الإسلام على كل من أسلم، لينضم إلى الرسول وأصحابه بالمدينة، ليتعلم الإسلام، ويقوي شوكة الجماعة المسلمة، فلما فتحت مكة، ارتفعت الحاجة إلى الهجرة إلى المدينة، وقال الرسول الكريم: «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ» متفق عليه.
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف    جلد : 1  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست