responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف    جلد : 1  صفحه : 154
وليس هذا مخالفة للنص، كما قد يتوهم، بل النص هنا مبني على عرف، يزول حكمه بزواله.

تَغَيُّرُ العَاقِلَةِ فِي عَهْدِ عُمَرَ:
ومن أمثلة ما بني من النصوص على عرف زمني تغير فيما بعد: قضاؤه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالدية في قتل الخطأ وشبه العمد على العاقلة , وَهُمْ (عَصَبَةُ الرَّجُلِ) فأخذ بظاهر ذلك بعض الفقهاء , وأوجبوا أن تكون العاقلة هي العصبة أَبَدًا , ولم ينظروا إلى أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , إنما ناط الدية بالعصبة لأنها ـ في ذلك الزمن ـ كانت محور النصرة والمعونة.

وخالفهم آخرون كالحنفية مستدلين بفعل أمير المؤمنين عمر الذي جعلها في عهده على (أهل الديوان) , وقد بحث ذلك الإمام ابن تيمية في " فتاويه " فقال: «النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى العَاقِلَةِ، وَهُمْ الذِينَ يَنْصُرُونَ الرَّجُلَ وَيُعِينُونَهُ، وَكَانَتْ العَاقِلَةُ عَلَى عَهْدِهِ هُمْ عَصَبَتُهُ. فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ جَعَلَهَا عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ، وَلِهَذَا اخْتَلَفَ فِيهَا الفُقَهَاءُ، فَيُقَالُ: أَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ العَاقِلَةَ هَلْ هُمْ مَحْدُودُونَ بِالشَّرْعِ أَوْ هُمْ مَنْ يَنْصُرُهُ وَيُعِينُهُ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ؟ فَمَنْ قَالَ بِالأَوَّلِ لَمْ يَعْدِلْ عَنْ الأَقَارِبِ، [فَإِنَّهُمْ] العَاقِلَةُ عَلَى عَهْدِهِ. وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي جَعَلَ العَاقِلَةَ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ مَنْ يَنْصُرُ الرَّجُلَ وَيُعِينُهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالمَكَانِ. فَلَمَّا كَانَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا يَنْصُرُهُ وَيُعِينُهُ أَقَارِبُهُ كَانُوا هُمْ العَاقِلَةَ، إذْ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيوَانٌ وَلاَ عَطَاءٌ.
فَلَمَّا وَضَعَ عُمَرُ الدِّيوَانَ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ جُنْدَ كُلِّ مَدِينَةٍ يَنْصُرُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَيُعِينُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَقَارِبَ فَكَانُوا هُمْ العَاقِلَةَ. وَهَذَا أَصَحُّ القَوْلَيْنِ. وَأَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الأَحْوَالِ: وَإِلاَّ فَرَجُلٌ قَدْ سَكَنَ بِالمَغْرِبِ وَهُنَاكَ مِنْ يَنْصُرُهُ وَيُعِينُهُ كَيْفَ تَكُونُ عَاقِلَتُهُ مَنْ بِالمَشْرِقِ فِي مَمْلَكَةٍ أُخْرَى؟! (أي من عصبته) وَلَعَلَّ أَخْبَارُهُ قَدْ انْقَطَعَتْ عَنْهُمْ، وَالمِيرَاثُ يُمْكِنُ حِفْظُهُ لِلْغَائِبِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَضَى فِي المَرْأَةِ القَاتِلَةِ أَنَّ عَقْلَهَا عَلَى عَصَبَتِهَا؛ وَأَنَّ مِيرَاثَهَا لِزَوْجِهَا وَبَنِيهَا " فَالوَارِثُ غَيْرُ العَاقِلَةِ» [1].

(1) " مجموع فتاوى ابن تيمية ": ج 19 ص 255، 256.
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف    جلد : 1  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست