نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 157
ولقد حدثني الإخوة في بعض البلاد التي يمنع علماؤها إخراج القيمة: أن المزكي للفطر يشتري صاع التمر أو الأرز مثلاً بعشر ريالات , فيسلمه للفقير، فيبيعه الفقير في الحال لنفس التاجر بأقل مما اشتراه بريال أو ريالين.
ويظل الصاع يباع ثم يشترى هكذا مرات ومرات , والواقع أن الفقير لم يأخذ طعامًا إنما أخذ نَقْدًا , بأنقص مما لو دفع إليه المزكي القيمة مباشرة , فهو الذي يخسر الفرق ما بين ثمن شراء المزكي من التاجر , وثمن الفقير له , فهل جاءت الشريعة لمصلحة الفقراء أم بضدها؟ وهل الشريعة شكلية إلى هذا الحد؟
وهل التشديد في هذا على الناس ـ كل الناس ـ اتِّبَاعٌ لِلْسُنَّةِ حَقًّا أَمْ مُخَالَفَةٌ لِرُوحِ السُّنَّةِ التِي شِعَارُهَا دَائِمًا: «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا»؟.
ثم إن الذين لم يجيزوا إخراج القيمة في زكاة الفطر أجازوا إخراج أنواع من الطعام لم ينص عليها الحديث إذا كانت هي غالب قوت البلد؟
وهذا نوع مِنَ التَّأْوِيلِ لِلْسُّنَّةِ , أو القياس على النص قلدوا فيه أئمتهم ولم يجدوا فيه حَرَجًا , وهوـ في رأينا ـ قياس صحيح , وتأويل مقبول.
فلماذا كان الرفض الشديد لفكرة القيمة في زكاة الفطر , مع أن المقصود بها إغناء المساكين عن السؤال والطواف في هذا اليوم , ولعل هذا يتحقق بدفع أكثر مما يتحقق بدفع الأطعمة العينية؟
نحن نوجب دفع الأطعمة في حالة واحدة، وهي (حالة المجاعة) التي يحتاج الناس فيها إلى الطعام أكثر من حاجتهم إلى النقود. وقد توجد النقود عند الإنسان ولكنه لا يجد الطعام.
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 157