نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 192
والواجب على العالم المسلم هنا أن يسلم بما صح ثبوته حسب قواعد أهل العلم , وسلف الأمة المقتدى بهم , ولا يجوز رده لمجرد مخالفته لما عهدناه , أو استبعاد وقوعه تَبَعًا لما ألفناه , ما دام في دائرة الممكن عقلاً , وإن كنا نعتبره مستحيلاً في العادة , فقد استطاع الإنسان , بما أوتي من علم , أن يصنع أشياء كانت في حكم المستحيل عادة , ولو حكيت لأحد الأقدمين , لرمي من يحكيها بالجنون , فكيف بقدرة الله تعالى , الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء؟
لهذا قرر علماؤنا أن الدين قد يأتي بما يحار فيه العقل , ولكنه لا يمكن أن يأتي بما يحيله العقل. فلا يتناقض صحيح المنقول , وصريح المعقول , بحال من الأحوال.
وما يظن من تناقض بينهما , فلا بد أن غَلَطًا قد وقع , فإما أن يكون النقل غير صحيح أو يكون العقل غير صريح , أعني أن ما ظنه الإنسان دِينًا ليس من حقائق الدين , أو ظنه عِلْمًا أو عقلاً ليس من العلم والعقل.
ولقد غلت بعض المدارس أو الفرق الإسلامية , مثل المعتزلة في رد بعض ما تستبعده عقولهم من صحاح الأحاديث , كما رأينا موقف بعضهم من رد الأحاديث التي تحدثت عن سؤال الملكين في القبر , وما يعقب ذلك من نعيم أو عذاب.
ومثل ذلك موقفهم من أحاديث (الميزان) [1] و (الصراط).
وموقفهم من رؤية المؤمنين لله تعالى في الجنة.
ومن بعض الأحاديث التي تتحدث عن الجن وعلاقتهم ببني الإنسان.
وقد ذكر الإمام الشاطبي في كتابه القيم " الاعتصام " أن من خصال أهل الابتداع والانحراف: ردهم للأحاديث التي جرت غير موافقة لأغراضهم ومذاهبهم , ويدعون أنها مخالفة للمعقول , وغير جارية على مقتضى الدليل , فيجب ردها.
كالمنكرين لعذاب القبر , والصراط والميزان , ورؤية الله - عَزَّ وَجَلَّ - في الآخرة , وكذلك حديث الذباب ومقله , وأن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء , وأنه [1] في عصرنا اخترع العلم موازين ومعايير شتى تقيس الحرارة في الجو وفي الإنسان، وتقيس أشياء في منتهى الدقة، حتى إن الكمبيوتر في بعض أنواعه العالية ليحسب الواحد من المليون في الثانية. فليس الميزان هو ذا الكفين، كما تصور المعتزلة.
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 192