نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 56
إن زعم تجديد الدين يعني أننا في عصر تخرج طبعة جديدة , منقحة لمبادئه وتعاليمه , تساير حاجات الناس , وتواكب التطور , وهذا قلب للحقائق , فليرفض الحديث الذي يقول هذا.
وما يقوله هذا القائل صحيح لو كان المراد بالتجديد ما فسره به.
إن التجديد المراد ـ كما شرحته في بحث لي ـ هو تجديد الفهم له ـ والإيمان به والعمل به. فالتجديد لشيء ما , هو محاولة العودة به إلى ما كان عليه يوم نشأ وظهر بحيث يبدو مع قِدَمِهِ كأنه جديد , وذلك بتقوية ما وهى منه , وترميم ما بلي , ورتق ما انفتق , حتى يعود أقرب ما يكون إلى صورته الأولى.
فالتجديد ليس معناه تغيير طبيعة القديم , أو الاستعاضة عنه بشيء آخر مستحدث مبتكر , فهذا ليس من التجديد في شيء.
ولنأخذ بذلك مثلاً في الحسيات , إذا أردنا تجديد مبنى أثري عريق , فمعنى تجديده: الإبقاء على جوهره وطابعه ومعالمه , وكل ما يبقي على خصائصه وترميم كل ما أصابه من عوامل التعرية , وتحسين مداخله وتسهيل الطريق إليه , والتعريف به ... الخ. وليس من التجديد في شيء أن نهدمه , ونقيم عمارة ضخمة على أحدث طراز مكانه.
وكذلك الدين: لا يعني تجديده إظهار طبعة جديدة منه , بل يعني به العودة إلى حيث كان في عهد الرسول وصحابته ومن تبعهم بإحسان [1].
فتجديد الدين يعني: إحياء الاجتهاد فيه، والرجوع إلى منابعه الأصيلة، والتحرر من الجمود والتقليد، والنظر في التراث نظرة ناقدة للاستفادة من إيجابياته، وتفادي مواضع الخلل فيه، وبجوار هذا التجديد الفكري، تجديد آخر، هو تجديد الإيمان بالدين، والتمسك بقيمه وأصوله، وتحديد الدعوة إليه، وفق حاجات العصر وظروفه، كما جاء في الحديث: «إِنَّ الإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ، كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ؛ فَسْأَلُوا اللهَ أَنْ يُجَدِّدَ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ» [2]. [1] انظر بحثنا " تجديد الدين في ضوء السنة " بالعدد الثاني من " مجلة مركز بحوث السنة والسيرة " في قطر ص 29. وقد نشر في كتابي " من أجل صحوة راشدة "، نشر المكتب الإسلامي في بيروت. [2] رواه الطبراني والحاكم عن ابن عمرو، كما في " صحيح الجامع الصغير ": (1590).
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 56