نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 59
والأصناف الثمانية مصارفها , ولهذا وجبت فيها النية , ولم يجز أن يفعلها الغير عنه بلا إذنه , ولم تطلب من الكفار , وحقوق العباد لا يشترط لها النية , ولو أداها غيره عنه بغير إذنه برئت ذمته ويطالب بها الكفار [1].
مِنَ المُجَازَفَةِ التَّسَرُّعُ بِرَدِّ الصَّحِيحِ وَإِنْ أَشْكَلَ:
إن المسارعة برد كل حديث يُشْكِلُ علينا فهمه ـ وإن كان صحيحًا ثابتًا ـ مجازفة لا يجترىء عليها الراسخون في العلم.
إنهم يحسنون الظن بسلف الأمة , فإذا ثبت أنهم تلقوا حديثًا بالقبول , ولم ينكره إمام معتبر , فلا بد أنهم لم يروا فيه مطعنًا من شذوذ أو علة قادحة.
والواجب على العالم المنصف أن يبقي على الحديث , ويبحث عن معنى معقول أو تأويل مناسب له.
وهذا هو الفرق بين المعتزلة وأهل السنة في المجال.
فالمعتزلة يبادرون برد كل ما يعارض مُسَلَّمَاتِهِمْ المَعْرِفِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ من مشكل الحديث , وأهل السنة يعملون عقولهم في التأويل , والجمع بين المختلف والتوفيق بين المتعارض في ظاهره.
ومن أجل هذا أَلَّفَ الإمام أبو محمد ابن قتيبة (ت 267 هـ) كتابه المعروف " تأويل مختلف الحديث " رَدًّا على الزوابع التي أثارها المعتزلة حول بعض الأحاديث , والتي زعموا أنها معارضة للقرآن , أو للعقل , أو يكذبها العيان أو تناقضها أحاديث أخرى.
وجاء بعده مُحَدِّثُ الحنفية الإمام أبو جعفر الطحاوي (ت 321 هـ) فألف كتابه " شرح مشكل الآثار " في أربعة مجلدات [2] , محاولاً أن يجد لهذه الأحاديث المشكلة تأويلاً مقبولاً , ووجهًا معقولاً. [1] من كتاب " الإيمان " لابن تيمية، ضمن " مجموع الفتاوى ": ج 7/ 314 - 316. [2] طبعته أخيرًا مؤسسة الرسالة في ثمانية مجلدات بتحقيق شعيب الأرناؤوط.
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 59