نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 68
أنه ترك رواية الحديث متعمدًا , فحاشاه من ذلك , ويدل على أنه من كبار المجتهدين في علم الحديث اعتماد مذهبه بينهم , والتعويل عليه , واعتباره رَدًّا وَقَبُولاً , وأما غيره من المحدثين وهم الجمهور , فتوسعوا في الشروط وكثر حديثهم والكل عن اجتهاد , وقد توسع أصحابه من بعده في الشروط وكثرت روايتهم، روى الطحاوي فأكثر وكتب " مسنده " , وهو جليل القدر , إلا أنه لا يعدل " الصحيحين " , لأن الشروط التي اعتمدها البخاري ومسلم في كتابيهما مجمع عليها بين الأمة كما قالوه , وشروط الطحاوي غير متفق عليها كالرواية عن المستور الحال وغيره» [1].
هذا ما قاله العلامة بن خلدون عن أبي حنيفة ومذهبه , وهو كلام مؤرخ خبير منصف.
جَمِيعُ الفُقَهَاءِ يَحْتَكِمُونَ إِلَى السُنَّةِ:
ونستطيع أن نؤكد هنا جازمين: أن جميع فقهاء المسلمين , من مختلف المدارس , وشتى الأمصار , ممن له مذهب باق أو منقرض , متبوع أو غير متبوع كانوا يرون الأخذ بالسنة والاحتكام إليها , والرجوع إلى حكمها إذا تبينت لهم , جزءًا من دين الله , ولا يسعهم الخلاف عن أمرها , يستوي في ذلك المنتمي إلى مدرسة الرأي والمنتمي إلى مدرسة الحديث.
أخرج البيهقي عن عثمان بن عمر قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى مَالِكٍ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ لَهُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا وَكَذَا , فَقَالَ الرَّجُلُ: أَرَأَيْتَ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: « ... {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]».
وَأَخْرَجَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: «لَمْ يَكُنْ مِنْ فِتْيَا النَّاسِ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: لِمَ قُلْتُ هَذَا؟ كَانُوا يَكْتَفُونَ بِالرِّوَايَةِ وَيَرْضَوْنَ بِهَا» [2].
(1) " مقدمة " ابن خلدون: ج 3 ص 1143 - 1145، ط. لجنة البيان العربي - ثانية - تحقيق د. علي عبد الواحد وافي. [2] يعني أنهم لم يكونوا يعارضون الحديث الصحيح الصريح بالرأي المجرد، مقدمين آراء أنفسهم على وحي ربهم. ولكن هذا لا يمنع من السؤال للاستفسار والتثبت. وكيف لا وقد كان الصحابة يسألون النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليتبينوا ويتثبتوا.
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 68