(أوَّلُ مَنْ صنَّفَ) في [1] الحديثِ (الصَّحِيحِ) الإمامُ (مُحَمَّدٌ)، هُوَ ابنُ إسماعيلَ البخاريُّ [2]، ولا يَرِدُ " موطأُ " الإمامِ مَالِكٍ؛ لأنَّهُ وإنْ كَانَ سابِقاً؛ فمؤلِّفُهُ لَمْ يتقيَّد بالصَّحِيحِ الذي مَرَّ تعرِيفُه؛ لأنَّه أدْخلَ فِيهِ المُرسلَ، والبلاغَ، والمقطوعَ، ونحوَها عَلَى سبيلِ الاحتجاجِ؛ فليس هُوَ أولُ مَنْ صنَّفَ في الصحيحِ [3]؛ لانصرافِ الصَّحِيحِ بقرينةِ ((ال)) العهديةِ إلى الصَّحيحِ المذكورِ.
(وخُصَّ) أي: البخارِيُّ، أي [4]: صحيحُهُ (بالتَّرجيحِ) أي: بترجيحِ [5] مَا أسندَهُ فِيهِ دُوْنَ تعاليقِه، وتراجِمِهِ [6]، وأقوالِ الصحابةِ، وغيرِهِم عَلَى سائرِ الصِّحَاحِ؛ لِتَقدُّمِهِ عَلَى غيرِهِ في الفنِّ.
(و) الإمامُ (مُسْلِمٌ) أي: صحيحُه (بَعْدُ) أي: بعدَ صحيحِ البُخَارِيِّ وضعاً بلا نزاعٍ، وصِحَّةً؛ كَمَا ذهب إِليهِ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ المشهورُ [7]. [1] المثبت من (ص) و (ع) و (ق) وقد سقطت كلمة ((في)) من (م). [2] قال الإمام النووي في الإرشاد 1/ 116: ((أول من صنف الصحيح المجرد أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ثم أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري)). فقول المصنف: (الصحيح المجرد). قاله زيادة على ابن الصلاح احترازاً عما اعترض به عليه من أن الموطأ صنف قبله في الصحيح. فإنه وإن كان قد ألف قَبْلَ صحيح البُخَارِيّ، لكنه لم يتمخض للصحيح المجرد، بَلْ شمله الإمام مَالِك من البلاغات والمنقطعات والمراسيل. [3] انظر: النكت لابن حجر 1/ 278 - 279، ومقدمة الفتح 9 - 10، والتدريب 1/ 90. [4] في (ق): ((في)). [5] في (ع): ((ترجيح)). [6] لأنه وسم كتابه بـ (الجامع الصّحيح المسند) فكل حديث ليس مسنداً فيه فهو ليس من المحكوم بصحته، وإنما ذكره استشهاداً واستئناساً، ليكون كتابه جامعاً لمعاني الإسلام، ودستوراً للأمة. [7] قال الإمام العراقي: ((وهو الصحيح)). وقال الإمام النووي: ((إنه الصواب)). انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 125، التقريب: 33.
نام کتاب : فتح الباقي بشرح ألفية العراقي نویسنده : الأنصاري، زكريا جلد : 1 صفحه : 106