مِن أقسامِ السُّنَنِ: (الحَسَنُ). قَدِ اختلفتْ أقوالُ أئِمَّةِ الحَدِيْثِ في حَدِّهِ [1]، بالنظرِ لِقسمَيْهِ الآتيينِ، وَقَدْ شَرَعَ في بَيانِهِ، فَقَالَ:
(والحَسَنُ المَعْرُوفُ مَخْرَجاً) بِنَصْبهِ تمييزاً مُحوَّلاً من نائبِ الفاعِلِ أي: المعروفُ مَخْرَجُهُ أي: رجالُهُ، وكلٌّ مِنْهُمْ مَخْرَجٌ خَرَجَ مِنْهُ الحديثُ، ودارَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ كنايةٌ عَنِ الاتِّصَالِ: إذِ المرسَلُ، والمنقطعُ، والمُعْضَلُ، والمدلَّسُ - بفتحِ اللامِ - قَبْلَ أَنْ يتبيَّنَ تدليسَهُ لا يُعرفُ مَخْرَجُ الحديثِ مِنْها.
(وَقَدْ اشْتَهَرَتْ رِجَالُهُ) بالعدالةِ والضبطِ اشتهاراً دُوْنَ اشتهارِ رجالِ الصَّحِيحِ، (بذاكَ) أي: بما ذكرَ من الاتِّصالِ والشُّهرةِ (حَدْ) الحافظُ أَبُو سليمانَ (حَمْدٌ) - بإسكان الميم - بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ الخطَّابِ البُسْتِيُّ، الشافعيُّ، المشهور بـ ((الخَطَّابيِّ)) نِسبةً إلى جَدِّ أبيهِ [2]. [1] انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 180. [2] فقد قال في معالم السّنن 1/ 11: ((الحسن: ما عرف مخرجه واشتهر رجاله. قال: وعليه مدار أكثر الحديث، وهو الذي يقبله أكثر العلماء، ويستعمله عامة الفقهاء)). وهذا التعريف نقله الإمام المزي في تهذيب الكمال 1/ 71. قال الحافظ العراقي: ((ورأيت في كلام بعض المتأخرين أن في قوله: ما عرف مخرجه؛ احترازاً عن المنقطع، وعن حديث المدلس قبل أن يتبين تدليسه. قال ابن دقيق العيد: ((ليس في عبارة الخطابيّ كبير تلخيص. وأيضاً فالصحيح قد عرف مخرجه واشتهر رجاله. فيدخل الصّحيح في حد الحسن. قال: وكأنه يريد مما لم يبلغ درجة الصّحيح)).
قال الشّيخ تاج الدين التبريزي: فيه نظر؛ لأنه - أي: ابن دقيق العيد - ذكر من بَعْدَ: أن الصّحيح أخص من الحَسَن. قَالَ: ودخول الخاص في حد العام ضروري. والتقييد بما يخرجه عَنْهُ مخلٌّ للحدّ
وهو اعتراضٌ متجهٌ)). انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 180 - 181، والاقتراح 163 - 165، ونكت الزّركشيّ 1/ 304، والتقييد والإيضاح 43، ونكت ابن حجر 1/ 385، والبحر الذي زخر 3/ 950.
نام کتاب : فتح الباقي بشرح ألفية العراقي نویسنده : الأنصاري، زكريا جلد : 1 صفحه : 144