المنطوق].
ومما يوضح ضررة التنصيص على اشتراط الضبط في الحديث الصحيح وعدم الاكتفاء بنفي الشذوذ أنه ليس كل مخالفة تكون شاذة، فقد تكون الزيادة في المتن بيانية، وفي السند من المزيد في متصل الأسانيد، فالاقتصار على اشتراط الخلو من الشذوذ دون الضبط يفتح المجال للاختلاف في شروط الحديث الصحيح تبعا للاختلاف في حقيقة الشاذ وضوابط رد الزيادات أو قبولها، بخلاف التنصيص على ضبط الراوي فهو محل اتفاق بين العلماء.
أضف إلى أنه قد يفهم من اشتراط نفي الشذوذ دون التصريح باشتراط الضبط أنه يشترط في الحديث الصحيح أن يكون له طرق سالمة من المخالفة، فلا يشمل الأحاديث الغريبة.
المسألة الثالثة: الكلام على العلة ([1]):
1 - معنى العلة: أ - لغة:
قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة مادة (عل): [(عل) العين واللام أصول ثلاثة صحيحة: أحدها تكرُّرٌ أو تكرير، والآخر عائق يعوق، والثالث ضَعف في الشَّيء.
فالأوَّل العَلَل، وهي الشَّرْبة الثانية. ويقال عَلَلٌ بعد نَهَل. والفعل يَعُلُّون عَلاًّ وعَلَلاً، والإبل نفسها تَعُلّ عَلَلا. قال:
عافَتا الماءَ فلم نُعْطِنْهُما ... ... ... إنَّما يُعْطِن من يرجو العَلَلْ
وفي الحديث: " إذا عَلَّهُ ففيه القَود "، أي إذا كرَّر عليه الضَّربَ. وأصله في المشْرَب. قال الأخطل: [1] - الإمام الذهبي - رحمه الله - لم يفرد الكلام على الحديث المُعل، ولكنه ذكره مساوياً بينه وبين المضطرب، وحقيقة الأمر أن المضطرب داخل في قسم العلل، ولذا فإنني رأيت أنه من الفائدة هنا الكلام على الحديث المُعل بشيء من التفصيل؛ وذلك لأن العلة هي دعامة هذا العلم، وقد أهمل الكثيرون إعمالها من الناحية العملية، أو أنهم تبنوا فيه قولاً جانبه الصواب، ولذا فإنني رأيت أن أدون هنا شتات ما تفرق - مما وقفت عليه - حول هذا الموضوع، والله المستعان.