وقد شاء ربك العالم بما كان وبما يكون أن يظهر سر هذا الحديث، وأن يتوصل بعض نطس [2] (*) الأطباء إلى أن في الذباب مادة قاتلة للميكروبات فبغمسه في الإناء تكون هذه المادة سَبَبًا في إبادة ما يحمله الذباب من الجراثيم التي ربما تكون عالقة به، أو تكون في جوفه، وبذلك أصبح ما قاله العلماء الأقدمون - تَجْوِيزًا - حقيقة مقررة.
وإليكم ما ذكره أحد الأطباء المصريين العصريين في محاضرة بـ " جمعية الهداية الإسلامية " [3] بالقاهرة قال - رَحِمَهُ اللهُ رَحْمَةً وَاسِعَةً -:
يقع الذباب على المواد القذرة المملوءة بالجراثيم التي تنشأ منها الأمراض المختلفة، فينقل بعضها بأطرافه، ويأكل بعضًا آخر، فتتكون في جسمه مادة سامة يسميها علماء الطب «مبعد البكتيريا» وهي تقتل كثيرًا من جراثيم الأمراض، ولا يمكن لتلك الجراثيم أن تبقى حية، أو يكون لها تأثير في جسم الإنسان في حال وجود مبعد البكتيريا هذا، وأن هناك خاصية في أحد الجناحين هي أنه يحول مبعد البكتيريا إلى ناحيته.
وعلى هذا إذا سقط الذباب في طعام أو شراب وألقى الجراثيم العالقة بأطرافه فإن أقرب مبعد لتلك الجراثيم وأول واق منها هو مبعد البكتيريا الذي يحمله الذُّبَابُ
(1) " زاد المعاد في هدي خير العباد ": جـ 4 ص 11، 12. [2] [3] هي جمعية كانت تقوم بنشاط كبير في الدعوة إلى الله، والمنافحة عن الإسلام. وكان رئيسها أستاذنا الأكبر الشيخ محمد الخضر حسين، الذي تولى مشيخة الأزهر الشريف حقبة من الزمن، وكنت أحد أعضائها وكانت لها مجلة وكنت أشترك في تحريرها.
----------------------
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) لم يقع التعليق على الهامش رقم (2). نطس: رَجُلٌ نَطْس ونَطُسٌ ونَطِسٌ ونَطِيس ونِطاسِيٌّ: عَالِمٌ بالأُمور حَاذِقٌ بِالطِّبِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ بِالرُّومِيَّةِ النِّسْطاسُ، يُقَالُ: مَا أَنْطَسَه ... والنُّطُسُ: الأَطباء الحُذَّاق. وَرَجُلٌ نَطِس ونَطُس: لِلْمُبَالِغِ فِي الشَّيْءِ. وتَنَطَّسَ عَنِ الأَخبار: بَحَثَ. وَكُلُّ مُبالغ فِي شَيْءٍ مُتَنَطِّس. وتَنَطَّسْتُ الأَخبار: تَجَسَّسْتُها. والنَّاطِسُ: الْجَاسُوسُ. وتَنَطَّس: تَقَزَّزَ وتَقَذَّرَ. والتَنَطُّسُ: الْمُبَالَغَةُ فِي التَّطَهُّرِ. والتَنَطُّس: التَقَذُّرُ]. انظر: " لسان العرب " لابن منظور: 6/ 232، الطبعة الثالثة: 1414 هـ، نشر دار صادر - بيروت.
نام کتاب : دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين - ط مكتبة السنة نویسنده : أبو شهبة، محمد جلد : 1 صفحه : 345