responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى    جلد : 1  صفحه : 109
فَلاَ يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ» وقد ابتدأ هذا التثبت منذ عهد صغار الصحابة الذين تأخرت وفاتهم عن زمن الفتنة، فقد روى مسلم في " مقدمة صحيحه " عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ بُشَيْرًا العَدَوِيَّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَجَعَلَ يُحَدِّثُ وَيَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا، فَجَعَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ لا يَأْذَنُ لِحَدِيثِهِ، ولا يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَالِي لا أَرَاكَ تَسْمَعُ لِحَدِيثِي؟ أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ولا تَسْمَعُ»، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: «إِنَّا كُنَّا مَرَّةً إِذَا سَمِعْنَا رَجُلاً يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، ابْتَدَرَتْهُ أَبْصَارُنَا، وَأَصْغَيْنَا إِلَيْهِ بِآذَانِنَا، فَلَمَّا رَكِبَ النَّاسُ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ، لَمْ نَأْخُذْ مِنْ النَّاسِ إلاَّ مَا نَعْرِفُ». ثم أخذ التابعون في المطالبة بالإسناد حين فشا الكذب يقول أبو العالية: «كُنَّا نَسْمَعُ الحَدِيثَ مِنَ الصَّحَابَةِ فَلاَ نَرْضَى حَتَّى نَرْكَبَ إِلَيْهِمْ فَنَسْمَعَهُ مِنْهُمْ» ويقول ابن المبارك: «الإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ، وَلَوْلاَ الإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ». ويقول ابن المبارك أيضاًً: «بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْقَوَائِمُ» يعني الإسناد [1].

ثَانِياً - التوثق من الأحاديث وذلك بالرجوع إلى الصحابة والتَّابِعِينَ وأئمة هذا الفن، فلقد كان من عناية الله بِسُنَّةِ نبيه أن مَدَّ في أعمار عدد من أقطاب الصحابة وفقهائهم ليكونوا مَرْجِعًا يهتدي الناس بهديهم، فلما وقع الكذب لجأ الناس إلى هؤلاء الصحابة يسألونهم ما عندهم أَوَلاً، ويستفتونهم فيما يسمعونه من أحاديث وآثار. روى مسلم في " مقدمة صحيحه " عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَسْأَلُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابًا، وَيُخْفِي عَنِّي، فَقَالَ: «وَلَدٌ نَاصِحٌ أَنَا أَخْتَارُ لَهُ الأُمُورَ اخْتِيَارًا، وَأُخْفِي عَنْهُ»، [قَالَ]: فَدَعَا بِقَضَاءِ عَلِيٍّ، فَجَعَلَ يَكْتُبُ مِنْهُ أَشْيَاءَ، وَيَمُرُّ [بِهِ] الشَّيْءُ، فَيَقُولُ: «وَاللهِ مَا قَضَى بِهَذَا عَلِيٌّ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ ضَلَّ» ولهذا الغرض أنه كثرت رحلات التَّابِعِينَ بل بعض الصحابة أيضاًً من مصر إلى مصر ليسمعوا الأحاديث الثابتة من الرُوَّاةِ الثقات، وقد تقدم لك سفر جابر بن عبد الله إلى الشام، وأبي أيوب إلى مصر لسماع الحديث. ويقول سعيد بن المسيب: «إِنِّي كُنْتُ لأَسِيرُ اللَّيَالِي وَالأَيَّامَ

(1) " مقدمة صحيح مسلم ": 1/ 10.
نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى    جلد : 1  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست