فأنت ترى أن هذا الحديث الذي كان في الواقع معجزة من معجزات الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينقلب في منطق النقد الجديد الذي دعا إليه صاحب " فجر الإسلام " إلى أن يكون مكذوباً مُفْتَرًى!.
أما كيف وقف الأستاذ هذا الموقف، وكيف حكم بكذب هذا الحديث فَهَهُنَا محل العبرة، ذكر ابن قتيبة في " تأويل مختلف الحديث " فيما ذكره من مطاعن النَظَّامِ وجماعته على أهل الحديث أنهم يَرْوُونَ أحاديث يُكَذِّبُهَا الواقع، وذكر فيها هذا الحديث، ثم تَعَقَّبَهُمْ ابن قتيبة وأجاب عن هذا الحديث بخلاصة ما ذكرنا من قبل، ولكن مؤلف " فجر الإسلام " الذي يحرص على أن يأتينا بنقد جديد ويثبت تقصير علمائنا في نقد السُنَّةِ، والذي يطمئن إلى حد كبير إلى طعون النَظَّامِ وغيره في السُنَّةِ قَدِيمًا، وطعون المُسْتَشْرِقِينَ فيها حَدِيثًا، لم يعجبه دفاع ابن قتيبة على ما يظهر، ولا ما كتبه الشُرَّاحُ حول هذا الحديث بل أغضى عن ذلك كله، وأغضى عن تفسير ابن عمر للحديث في " البخاري " نفسه، وعن رواية جابر في " صحيح مسلم " واقتصر على جزئه الذي ذكره " البخاري " في كتاب العلم أما البخاري فعذره ما جرى عليه من تقطيع الحديث في أبواب متعددة.
ومؤلف " فجر الإسلام " لا عذر له في اقتصاره على نقل هذا الجزء فقط مع تنبيه الشُرَّاح هنالك على ذلك. قال ابن حجر عند ذكر البخاري لهذا الجزء من كتاب العلم «قَوْلُهُ: " لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَيِ
(1) " الإصابة في معرفة الصحابة ": 1/ 8.
نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 312