نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 326
فما زعمه (جولدتسيهر) من أن هذه القصة موضوعة وضعها العامة تبريراً لكثرة حديثه، إنما هو افتراء محض، وتخيل لا يبرره العلم، وتعصب أوحى به التحامل اليهودي على أكبر صحابي روى حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا أدري ما هي أدلته العلمية في أن هذه القصة مختلقة؟ هل عثر فيما بين يديه من نصوص التاريخ على مَا يُؤَيِّدُ هذه الدعوة، حتى يكذب أئمة الحديث الذين نقلوا هذه القصة وَوَثَّقُوا رُوَاتِهَا؟!.
والمُسْتَشْرِقُونَ، ومن لَفَّ لَفَّهُمْ يتظاهرون باستغراب قوة الحفظ عند أبي هريرة إلى هذا الحد، ولو نظروا إلى الأمر بعين الإنصاف، وعلى ضوء علم النفس وعلم الاجتماع، لما وجدوا فيه غرابة ولا بُعْدًا، فلكل أُمَّةٍ ميزة تمتاز بها على غيرها.
والحفظ من الميزات التي امتاز بها العرب، وفي الصحابة وكبار التَّابِعِينَ ومن بعدهم، من كان آية في سرعة الحفظ وقوة الذاكرة، ومن علم أن البخاري كان يحفظ ثلاثمائة ألف حديث بأسانيدها، وأن أحمد بن حنبل كان يحفظ ستمائة ألف حديث، وأن أبا زرعة كان يحفظ سبعمائة ألف حديث، لا يستغرب على أبي هريرة أن يحفظ ما حفظ، وكل أحاديثه التي أثرت عنه كما جاء في "مسند بقي بن مخلد "، خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعون حَدِيثًا، وما زال علماء العربية وكبار الشعراء قَدِيمًا وَحَدِيثًا يحفظون من الشعر والنثر ما لا يُعَدُّ شَيْئًا بجانبه حفظ أبي هريرة لأحاديثه التي حَدَّثَ بها، فها هو الأصمعي كان يحفظ خمسة عشر ألف أرجوزة من أراجيز العرب كما يذكر الرُوَاةُ.
ولقد ذكر الكاتب المُحَقِّقُ الأستاذ محب الدين الخطيب ما شاهده من حفظ الشيخ الشنقيطي - رَحِمَهُ اللهُ - ما يدعو إلى الدهشة، وإليك ما قاله في ذلك: «نحن نعرف معرفة شخصية الأستاذ العَلاَّمَة الشيخ أحمد بن الأمين الشنقيطي - رَحِمَهُ اللهُ - وكان يحفظ الشعر الجاهلي كله، ويحفظ شعر أبي العلاء المعري كله، ولو رحنا نَعُدُّ ما يحفظه لكان شيئاً عظيماً وكتابه " الوسيط في تراجم علماء وأدباء شنقيط " كتبه من أوله إلى آخره من حفظه
نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 326