نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 360
وقد أساء أَبُو رَيَّةَ - كعادته - فهم هذه القصة واستنتج منها غير ما يفهمه المُنْصِفُونَ وَأَيًّا ما كان فقد كان إسلام أبي هريرة إسلاماً خالصا لوجه الله كإسلام الصحابة جميعاً، سمع بالإسلام لأول مَرَّةٍ عن طريق الطفيل بن عمرو فما لبث أن دان به وقام بشعائره، ثم مازال متشوقاً للهجرة للرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى قدم عليه، وقد كان الرسول والمُسْلِمُونَ في غزوة خيبر.
وأكثر الروايات على أن قدومه وافق الانتهاء من الغزوة، ولكنه حضر قسمة الغنائم، وبعض الروايات - وهي الأوثق والأصح - تثبت أن النَّبِيّ- صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر المُسْلِمِينَ بأن يفرضوا له منها نصيباً.
ثم لازم النبيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد ذلك على أن لا يلتفت إلى شيء من الدنيا إلا أن يستمع إلى الرسول ويحمل للمسلمين من بعده هدايته وينقل إليهم حديثه، وكان طبيعياً أن يكون مكان أبي هريرة في «الصُفَّةِ» وهو مكان في المسجد كان يأوي إليه المنقطعون للعلم والجهاد مع رسول الله والذين ليس لهم مال ولا أهل في المدينة، وقد كان في «الصُفَّةِ» كرام الصحابة، وكان رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يكرمهم ويحث على إكرامهم.
واستمر شأن أبي هريرة كذلك يلازم الرسرل أينما ذهب حتى اختار اللهُ رسوله لجواره. وبهذه الملازمة المستمرة من سَنَةِ سبع إلى عشر والحرص الشديد على تتبع حديث رسول لله من أفواه الذين سبقوا أبا هريرة إلى الإسلام، ومن أفواه زوجاته تَجَمَّعَ لأبي هريرة من الحديث ما لم يَتَجَمَّعْ لغيره من الصحابة الذين لم يفرغوا تفرغه لسماع الحديث ولم يلتزموا ما التزمه أبو هريرة من ملازمة الرسول أينما سار.
تلك هي قصة إسلامه، وقد روى لنا " البخاري " وغيره كالدولابي في " الكُنَى " (المُتَوَفَّى 310 هـ) حديث هجرته من دَوْسٍ إلى الرسول في المدينة ثم خيبر، وكيف كان يتغنى في طريقه بقوله:
فَيَا لَيْلَة مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا * ... * ... * عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتْ [1]. [1] في رواية الدولابي: «تُنَجِّينِي».
نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 360