وأما الجاه فإن الرجل الذي رضي في سبيل الهجرة إلى رسول الله أن يخدم قافلة مسافرة في الطريق ويرضى أن يسكن في الصُفَّةِ مأوى الذين لا بَيْتَ لهم ولا سكن، وأن يتحمل مَرَارَةَ الجوع في سبيل العلم، وحمل أمانته هو رجل أبعد ما يكون عن طلب الجاه.
حتى إن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - لما استعمل أبا هريرة على البحرين، ثم قدم ببعض المال فحاسبه عليه عمر، فلم يجد فى مكسبه مدخلاً لإثم، رفض أن يلي العمل مَرَّةً ثانية لعمر. وكان مِمَّا قاله: أخشى أن أقول بغير علم وأقضي بغير حلم [2].
فهذا هو أبو هريرة في إسلامه وَصُحْبَتِهِ للنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكيف استجاز أَبُو رَيَّةَ أن يقلب الحقائق، ويمسخ التاريخ الناصع، ويفتري على الأبرياء وهو الذي قال: «لعنة الله على الكَاذِبِينَ متعمدين كانوا أم غير متعمدين»؟!
5 - وزعم أَبُو رَيَّةَ أنه كان أكولاً نهماً يطعم كل يوم في بيت النَّبِيِّ أو في بيت أحد أصحابه حتى كان بعضهم ينفر منه! .. وهذا افتراء آخر على التاريخ وتشويه لوجه الحق ..
أما أنه كان أكولاً، فهذا لم ترد به رواية صحيحة محترمة، وعلى فرض ورودها فإن ذلك لا يضير أبا هريرة في عدالته وصدقه ومكانتة، وما كانت كثرة الأكل في مذهب من المذاهب ولا في شريعة من الشرائع مسقطة للعدالة، داعية للجرح، وما حمل أَبَا رَيَّةَ على سلوك هذا المركب الخشن إلا حقده، وسوء أدبه مع صحابي جليل من صحابة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وأما أنه كان يطعم كل يوم في بيت النبي أو في بيت أحد أصحابه، [1] البداية والنهاية: 8/ 111. [2] البداية والنهاية: 8/ 113.
نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 365