هكذا كان صحابة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فمن أنكر على أبي هريرة مزاحه فقد أنكر أمراً من الدين مباحاً، وَخُلُقًا لدى الكرام محبوباً.
ثَامِنًا - التَّهَكُّمُ بِهِ:
قال أَبُو رَيَّةَ [2]: «ولقد كانوا يتهكمون برواياته وَيَتَنَدَّرُونَ عليها لما تفنن فيها وأكثر منها، فعن أبي رافع: أن رجلاً من قريش أتى أبا هريرة في حلة وهو يتبختر فيها، فقال: " يا أبا هريرة! إنك تكثر الحديث عن رسول الله فهل سمعته يقول في حلتي هذه شيئا؟ " فقال: " سمعت أبا القاسم يقول: " إن رجلاً من كان قبلكم بينما هو يتبختر في حلة إذ خسف الله به الأرض فهو يجلجل فيها حتى تقوم الساعة، فوالله ما أدري لعله كان من قومك أو من رهطك "، (وأسند أَبُو رَيَّةَ هذا الخبر إلى ابن كثير) ثم قال: (ويبدو) من سؤال هذا الرجل أنه لم يكن مستفهماً، وإنما كان متهكماً إذ لم يقل له: إنك تحفظ أحاديث رسول الله، وإنما قال: تكثر الحديث عن رسول الله، (وسياق) الحكاية يدل كذلك على أنه كان يهزأ به ويسخر منه».