نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 457
المراسيل وتقديمها على القياس عنده، بينما الشافعي لا يقبله إلا بشروط، وَالمُحَدِّثُونَ جميعاً يرفضونه، ولا شك أن مذهب أبي حنيفة في المراسيل هو مذهب من لا يلجأ إلى القياس إلا إذا أعيته الحيلة فلم يجد أثرًا صحيحاً يعتمد عليه، فمن أين - إذاً - جاءت الفرية عليه بأنه كان يُقَدِّمُ الرأي على الحديث؟.
ينقل لنا الخطيب البغدادي في "ت اريخه " عن عدد من الرُوَاةِ أنهم واجهوا أبا حنيفة بأحاديث فلم يقبلها، ويروي لنا عن يوسف بن أسباط أن أبا حنيفة رَدَّ على رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعمائة حديث أو أكثر، ومع ذلك فلم يذكر من هذه الأربعمائة إلا أربعة أحاديث .. ويروي لنا عن وكيع قوله: «وَجَدْنَا أَبَا حَنِيفَةَ خَالَفَ مِائَتَيْ حَدِيثٍ». وعن حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ: «أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ اسْتَقْبَلَ الآثَارَ وَالسُنَنَ، فَرَدَّهَا بِرَأْيِهِ».
ومهما يكن من صحة نسبة هذه الأقوال إلى أصحابها، ومنهم من عرف بصحبة الإمام وأخذه عنه، مِمَّا يكذب نسبة تلك الأقوال إليه، فإن الذي لا شك فيه أن بعض المُحَدِّثِينَ في عصره أخذوا عليه تركه لبعض الآثار التي صَحَّتْ عندهم.
وقد أخذ ابن أبي شيبة على أبي حنيفة مخالفته للحديث في مائة وخمس وعشرين مسألة، أي مائة وخمسة وعشرين حَدِيثًا، فكيف جاز ذلك لأبي حنيفة؟ مع ما نقل الشافعي من إجماع أهل العلم أنه لا يجوز لمسلم مخالفة حديث صَحَّ عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومع قول أبي حنيفة نفسه: «مَاجَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَى الرَّأْسِ وَالعَيْنِ».
والجواب من وجوه:
1 - إن الأنظار قد تختلف في تصحيح حديث أو تضعيفه من حيث الرُوَاةِ، فمن يراه أبو حنيفة - مثلاً - عدلاً ثقة قد يجد فيه غيره مغمزاً، ولا شك أن أبا حنيفة أدرى بشيوخه الذين أخذ عنهم، وهو متقدم في الزمن عمن نقد شيوخه من بعده، وكثيراً ما لا يكون بينه وبين الصحابي إلا
نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 457