أما " موطأ محمد بن الحسن " وهو من أشهر نسخ " المُوَطَّأ " وله شهرة عظيمة في الحرمين والهند، فقد بلغ ما فيه من الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة على الصحابة ومن بعدهم - مسندة، ومرسلة، ومنقطعة - ثمانين ومائة وألفاً، منها عن مالك خمسة وألف، ومنها عن أبي حنيفة، ثلاثة عشر، وعن أبي يوسف، أربعة والباقي عن غيرهما.
وما زال علماء الحديث يتداولون " المُوَطَّأ " شرحاً وتخريجاً، ومِمَّنْ شرحه الحافظ ابن عبد البر (463) فقد ألف فيه شرحين:
الأول: " التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " رَتَّبَ فيه شيوخ مالك على حروف المعجم، وقد قال فيه ابن حزم: «لاَ أَعْلَمُ فِي الكَلاَمِ عَلَىَ فَقْهِ الحَدِيثِ مِثْلَهُ فَكَيْفَ بِأَحْسَنِ مِنْهُ؟!».
والثاني كتاب " الاستذكار في شرح مذاهب علماء الأمصار ". وَمِمَّنْ شرحه أيضاًً الحافظ أبو بكر محمد بن العربي (- 543 هـ) والجلال السيوطي (- 911 هـ) والزُّرقاني، المالكي (- 1122 هـ) وَالدَّهْلَوِي (- 1180 هـ) والشيخ علي القاري المكي (- 1014 هـ) واللَّكْنَوِي (- 1304 هـ) في كتابه " التعليق المُمَجَّدْ على موطأ الإمام محمد ".
وقد اختصر " المُوَطَّأ " كثيرون، منهم أبو سليمان الخطابي (- 388 هـ) وابن عبد البر (- 463 هـ) وابن رشيق القيرواني (- 463 هـ).
كما ألفت في شرح غريبه وفي شواهده ورجاله واختلافاته مؤلفات كثيرة تدل على عناية علماء الأُمَّةِ بهذا الكتاب الجليل.
هَلْ " المُوَطَّأُ "، كِتَابُ فِقْهٍ أَمْ كِتَابُ حَدِيثٍ؟:
لم يختلف العلماء منذ أَلَّفَ مالك " مُوَطَّأَهُ " حتى عصرنا على أن " المُوَطَّأ " أقدم مؤلف في الحديث وصل إلينا من مؤلفات السلف في القرن الثاني
نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 473