نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 59
الدينية. أن يرجو من الله أجره وثوابه، فهل يعد هذا شيئا بجانب جهود أولئك العلماء الذين كان أحدهم يمشي آلاف الأميال على قدميه، ويطوف بأقطار العالم الإسلامي عشرات السنين، ويسهر الليالي على ضوء الشمعة والقنديل؟ هذا مع أنهم لَمْ يَمُنُّوا بجهودهم تلك على المُسْلِمِينَ وإنما كانوا يرجون رضى الله وحده، أفيكون من عرفان جميلهم أن يأتي مثل أَبِي رَيَّةَ فَيَتَّهِمَهُمْ بالتقصير لأنهم كان يجب عليهم أن يُؤَلِّفُوا مثل كتابه منذ ألف سَنَةٍ؟ .. إن كان قَارِئٌ لكتابه يستطيع أن يجيب على هذا السؤال.
ثَالِثاً: إنه أطرى كتابه بقوله: «وهذه الدراسة الجامعة التي قامت على قواعد التحقيق العلمي، هي الأولى في موضوعها. لم ينسج أحد من قبل على منوالها .. » وقوله: «وبخاصة لأن هذا المُصَنَّفَ لم يكن له من قبل مثال نحتذيه، ولا طريق عَبَّدَهُ لنا أحد مِمَّنْ سبقنا فنتبعه ونسير عليه». وقد كان يجب أن يؤلف مثله منذ ألف سَنَةٍ.
ونحن نعلم أن من أبرز صفات العالم تواضعه، ومن أبغض صفاته عند الله وعند الناس تفاخره بعلمه وجهوده، ومن قواعد شريعتنا أن تفاخر الإنسان بعمله يحبط أجره، ومن أخلاق علمائنا أن يعترفوا في مقدمة كتبهم باحتمال الخطأ والزلل، وأن يطلبوا مِمَّنْ يَطَّلِعُ على خطأ في كتبهم أن يصلحها ويستغفر لمؤلفها، ولا أريد أن أتحدث عن مغزى إطراء المؤلف لكتابه من الناحية النفسية. فهو - على ما يظهر - عليم بالتحليل النفسي أيضاً،! ولكني أذكر هنا كلمة لابن عطاء الله السكندري - رَحِمَهُ اللهُ -: «لأَنْ تَصْحَبَ جَاهِلاً لاَ يَرْضَىَ عَنْ نَفْسِهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَصْحَبَ عَالِمًا يَرْضَىَ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَيُّ عِلْمٍ لِعَالِمٍ يَرْضَىَ عَنِ نَفْسِهِ؟ وَأَيُّ جَهْلٍ لِجَاهِلٍ لاَ يَرْضَىَ عَنِ نَفْسِهِ؟».
رَابِعاً: إنه كان قاسياً مع من يظن أنهم سَيَتَوَلَّوْنَ الرَدَّ عليه، فقال في حقّهم: «وقد ينبعث له من يتطاول إلى معارضته مِمَّنْ تعفَّنت أفكارهم وتحجرت عقولهم» وقال في آخر كتابه بعد أن تفاخر بجهوده في هذا الكتاب: «وأن تضيق به صدور الحشوية وشيوخ الجهل من زوامل الأسفار،
نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 59