هكذا تشدَّدَ الصحابة في الحديث، وأمسك بعضهم عنه كراهية التحريف، أو الزيادة والنقصان في الرواية عن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَنَّ كثرة الرواية كانت في نظر كثير منهم مظنة الوقوع في الخطأ، والكذب على رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد نهى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الكذب عليه وعن رواية ما يرى أنه كذب، من ذلك قوله - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -: «مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الكَاذِبَيْنِ» [4].
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَفَى بِالمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» [5].
وكان الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - يخشون أنْ يقعوا في الكذب عامة، فكيف
(1) " سنن ابن ماجه ": ص 10 جـ 1 وقوله: «أَمَا إِنِي لَمْ أُفَارِقْهُ» يعني به أَنَّ ذلك ليس لقلة صحبته.
(2) " الكفاية ": ص 102، وأخرجه " البخاري " كذلك: انظر " فتح الباري ": ص 210 جـ 1، ونظر " المصباح المضيء ": ص 20: ب و" تمييز المرفوع من الموضوع ": ص 2: ب.
وفي رواية " الكفاية ": قال: «قُلْتُ لأَبِي الزُّبَيْرِ ... » الحديث.
وانظر " طبقات " ابن سعد: ص 75 قسم 1 جـ 3 من طريق وهب بن جرير وقال بعد رواية الحديث: «وَاللَّهِ مَا قَالَ مُتَعَمِّدًا وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ مُتَعَمِّدًا».
(3) " سنن ابن ماجه ": ص 8 جـ 1 و" سنن البيهقي ": ص 11 جـ 10 و" المحدث الفاصل ": ص 132: آ. [4] مقدمة " التمهيد " لابن عبد البر: ص 11. [5] مقدمة " التمهيد ": ص 11 وفي رواية ابن مسعود (إِنَّمَا) بدل (كَذِبًا) وانظر " تذكرة الحفاظ ": ص 15 جـ 1.
نام کتاب : السنة قبل التدوين نویسنده : الخطيب، محمد عجاج جلد : 1 صفحه : 95