المبحث الأول: مكانة السنة النبوية في التشريع الإسلامي من حيث الاحتجاج بها:
المطلب الأول: معنى حجية السنة ودليل ذلك:
معنى حجية السنة: "أنها دليل على حكم الله، يفيدنا العلم أو الظن به، ويظهره ويكشفه لنا. فإذا علمنا أو ظننا الحكم بواسطته: وجب علينا امتثاله والعمل به. فلذلك قالوا: معنى حجية السنة: وجوب العمل بمقتضاها. فالمعنى الحقيقي للحجية، هو: الإظهار والكشف والدلالة؛ ويلزم هذا وجوب العمل بالمدلول: حيث إنه حكم الله " [1] . فكل ما يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم، إنما هو بأمر الله له؛ حيث إنه لا ينطق عن الهوى، بل هو مبلغ لما أوحاه الله إليه، سواءً كان ذلك الموحى إليه قرآناً أو سنة. قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3، 4] . وكما جاء في حديث الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ (رضي الله عنه) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، ألا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، لا يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَانًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، ألا لا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الأَهْلِيِّ ولا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ ألا وَلا لُقَطَةٌ مِنْ مَالِ مُعَاهَدٍ إِلا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُمْ فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُمْ فَلَهُمْ أَنْ يُعْقِبُوهُمْ بِمِثْلِ [1] انظر حجية السنة لعبد الغني عبد الخالق ص 243. وسيأتي مزيد لمسألة وجوب العمل بالسنة، في المبحث الثاني من الفصل الثالث.