الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:44] .
وإن شُرِح الذكر [1] الوارد في قوله تعالى: {أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا} [ص:8] بالقرآن، فإنّه في آيتنا هذه يعني السنّة لأنّ الذكر الذي أنزله الله على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم إنما أنزله عليه ليبيّن به للناس ما نزّل إليهم من كتاب الله، وبيان الرسول إنّما هو من سنته صلى الله عليه وسلم.
ويشرح ابن حزم عبارة "الذكر" الواردة في الآية بالوحي فيقول: "ولا خلاف بين أحدٍ من أهل اللغة والشريعة في أنّ كل وحي نزل من عند الله فهو ذكر منزّل"وردّ على من زعم أنّ المراد بالذكر في الآية "القرآن وحده" بقوله: "هذه دعوى كاذبة مجرّدة عن البرهان، وتخصيص للذكر بلا دليل والذكر اسم واقع على كلّ ما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم من قرآن وسنة" [2] .
"فالذكر بيانٌ أنزله الله والسنة هي هذا البيان فتكون بالتالي وحياً منزّلاً من السماء، وقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغ ما أنزل إليه من القرآن أكمل تبيلغ كما قام بتبيينه خير تبيين ففصّل مجمله ووضّح مشكله وفسّر مبهمه وقيّد مطلقه وخصّص عامّه وبيّن منسوخه واستنبط أحكامه وحدّد مرماه وكشف مغزاه وأبان عن معناه " [3] .
4 ـ ومن الأدلة القرآنية على أنّ السنة وحي قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا [1] المفردات للراغب ص 328. [2] السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي 157. [3] محاضرات في علوم الحديث - للشيخ مصطفى أمين التازي 1/120.