والعصمة شرعا: قد اختلف المتكلمون في تعريفها اختلافا كثيرا أدى إلى تناقضهم وافتراضهم أموراً لا وجود لها إلا في أذهانهم، وكل منهم ينطلق في النظر للعصمة من منحاه العقدي [1] . وأقربُ التعاريف للصواب، هو قول ابن النجار " إن العصمة صرف دواعي المعصية عن المعصية، بما يلهم الله المعصوم من ترغيب وترهيب" [2] .
ج - من أي شيء عُصِمَ الأنبياء عليهم السلام؟
اتفق أهل الإسلام على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قد عُصِموا من كل ما يخل بالتبليغ، كالشك، والجهل بالأحكام المنزلة عليهم، وكتمان الوحي، والكذب، والوسواس، وأن يقولوا ما ليس بحق، والتقصير في البلاغ، وتسليط الشيطان وتلبيسه عليهم، وتسليط الإنس أيضا عليهم بالإيذاء المُخِل بالرسالة. وبالجملة فهم معصومون من جميع الكبائر، والإجماعُ على هذا حكاه غير واحد.
قال ابن النجار: " فالإجماع منعقد على عصمتهم من تعمد الكذب في الأحكام وغيرها، لأن المعجزة قد دلت على صدقهم فيها، فلو جاز كذبهم فيها، لبطلت دلالة المعجزة، ولا يقع ما يخل بصدقهم لا غلطا ولا سهوا عند الأكثر " [3] . وقال ابن بَرْهان:" فإن الأمة أجمعت على أن الأنبياء معصومون عن الكبائر " [4] . [1] انظر محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين للرازي ص 317والشفا لعياض ص606 والإرشاد للجويني 298. [2] شرح الكوكب المنير – 2/167. [3] شرح الكوكب المنير – / 2 /169. [4] الوصول إلى الأصول – 358.