وفاة الإمام مسلم رحمه الله
وأما وفاة الإمام مسلم فتوفي سنة261هـ كما قلنا عن عمر يناهز (خمسة وخمسين) عاماً.
وقيل في سبب وفاته ما جاء عن أحمد بن سلمة رفيقه في رحلته وصاحبه كذلك أنه قال: عُقد لـ مسلم مجلس للمذاكرة، ومجلس المذاكرة يختلف عن مجلس التحديث، فمجلس التحديث هو أن يتهيأ الشيخ للتحديث إما إلقاءً وإما عرضاً، أن يتكلم الشيخ ويلقي ما عنده من أسانيد وأحاديث على الطلاب، وإما أن يكون المجلس عرضاً على الشيخ، أن يتكلم المستملي ويسمع الشيخ ثم يجيز بعد ذلك.
أما مجلس المذاكرة فهو مجلس أشبه بالمسامرة والأخذ والرد، فمجلس المذاكرة عُقد للإمام مسلم وذُكر فيه حديث لم يعرفه الإمام مسلم، وكان هذا أيضاً أمراً منكراً عند أهل المجلس، كما أنه منكر عند مسلم كيف يفوته هذا الحديث؟ فانصرف إلى منزله بمجرد أن سمع هذا الحديث الذي لم يعرفه، وأوقد السراج وقال لمن في الدار: لا يدخل أحد منكم عليّ، وهذا فهم طالب العلم، فإنه لا يستطيع التركيز ولا البحث الحقيقي إلا إذا كان في خلوة، فلا يمكن أبداً لطالب العلم أن يعيش في وسط زوجة وأولاد وهذا يصيح وهذا يطلب وهناك شيء من الضجّة.
كيف يحصِّل العلم؟ فلا بد أن يكون لك في بيتك غرفة خاصة بك تدخل -بعد أن تقضي مصالح أهلك- وتغلق عليك بابك، ثم تختلي بـ البخاري وتختلي بـ مسلم وبكتب أهل العلم، هذا إذا أردت علماً وأردت تحصيلاً.
فدخل مسلم وأوقد السراج وقال لمن بالدار: لا يدخل أحد منكم عليّ، فقيل له: أُهديت إلينا سلة تمر، فقال: قدّموها ولا يدخل أحد منكم عليّ، فقدّموها فصار يأكل تمرة ويبحث: يأكل ويبحث يأكل ويبحث حتى أصبح وقد فني التمر ووجد الحديث.
هذه القصة رواها البيهقي والحاكم ثم زاد الحاكم قال: وبلغني أنه منها مات، أي: من سلة التمر.
على أية حال منها أو من غيرها فقد مات سنة (261) هـ.