"جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن وقت صلاة الصبح" يعني بداية ونهاية، قال: "فسكت عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني ما أخبره، ما أجابه بالقول -عليه الصلاة والسلام-، وإنما أجابه بالفعل، والفعل أبلغ، "فسكت عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا كان من الغد صلى الصبح حين طلع الفجر"، يعني في أول وقتها "ثم صلى الصبح من الغد بعد أن أسفر، ثم قال: ((أين السائل عن وقت الصلاة؟ )) قال: هاأنذا يا رسول الله، قال: ((ما بين هذين وقت)) " الحديث يدل على أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر، والمراد به الفجر الثاني، الصادق، المنتشر في الأفق إلى الإسفار، هذا ما يدل عليه الحديث، وحديث عبد الله بن عمرو ما لم تطلع الشمس يدل على أنه يستمر إلى أن تطلع الشمس، نعم هذا المذكور في الحديث وهو وقت الاختيار، أما وقت الاضطرار إلى طلوع الشمس، وإن كان الوقت المفضل عند الحنفية هو الإسفار، والجمهور وقتها المفضل التغليس على ما سيأتي.
في الحديث الآتي -إن شاء الله تعالى-: ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) دليل على أن وقت صلاة الصبح يستمر إلى أن تطلع الشمس، وأن صلاة من أدرك ركعة واحدة وأضاف إليها أخرى ولو بعد طلوع الشمس تكون في وقتها وأداءً، وإن كان هذا وقت وقت اضطرار، لكنه وقتها، نعم لا ينبغي للمسلم أن يتعمد أن يؤخر الصلاة إلى هذا الحد بحيث لا يدرك منها إلا جزء عليه أن يقتدي به -عليه الصلاة والسلام-، يصلي الصبح بغلس على ما سيأتي.
فالوقت المذكور في الحديث من طلوع الصبح إلى الإسفار هذا وقت الاختيار، والاستمرار إلى طلوع الشمس هذا وقت الاضطرار، وكله وقت، وما فعل بين طلوع الصبح إلى طلوع الشمس كله أداء، نعم نعود إلى شرح الأحاديث أحاديث الكتاب.
سم.
"قال الإمام يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس".