نام کتاب : كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري نویسنده : الشنقيطي، محمد الخضر جلد : 1 صفحه : 415
الأولى: الشهادتان، والثانية: إما ترْكية أو فِعلية. الأولى: الصوم، والثانية: إما بَدَنِيَّة أو مالية. الأولى: الصَّلاة، والثانية: الزكاة، أو مركبة منهما وهي الحَجَّ، وقد ذكره مقدمًا على الصوم، وعليه بني المصنف ترتيب جامعه هذا، لكن عند مسلم من رواية سَعْد بن عُبيدة، عن ابن عُمر تأخير الصَّوم عن الحَجّ، فقال رجل، وهُو يزيد بن بِشْرٍ السَّكْسَكِيُّ: "والحَجُّ، وصَوْمُ رَمَضان" فقال ابن عُمر: لا، "صيامُ رَمَضان، والحَجّ" هكذا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيُحْتَمَل أن يكون حنظَلَةُ رواه بالمعنى، لكونه لم يَسْمع ردَّ ابن عمر على يَزِيد، أو سمِعَه ونَسيَه، وفي روايةٍ لمسلم من طريق حَنْظَلة بتقديم الصَّوم على الحجِّ، ولأبي عَوَانَة عنه بتقديم الصوم، فتنْوِيعه هذا دالٌّ على أنه رُوي بالمعنى، ويُؤيِّدُه ما وَقَع في البُخاري في التفسير، من تقديم الصيام على الزكاة، ورواه مُسلم عن ابن عُمر من أربع طُرق تارةً بالتَّقديم، وتارةً بالتَّأخير.
ولم يذكر البُخاريُّ الجهادَ لأنه فرض كفاية، ولا يتعين إلا في بعض الأحوال، ومن زَعَم أن الحديث كان أول الإِسلام قبل فرض الجهاد فَقَد أخطأ، لأن فرض الجهاد كان قبل فرض الزَّكاة والحجِّ. فإن قيل: الأربعة المذكورة مبنية على الشهادة، إذ لا يَصِحُّ شيءٌ منها إلا بعد وُجودِها، فكَيف يُضَمُّ مبنيٌّ إلى مبنيٍّ عليه في مسمّىً واحد؟ فالجواب هو أنه يَجُوزُ ابْتِناء أمر على أمر، يَنْبَني على الأمرين أمرٌ آخر، فإن قيل: المَبْنيُّ لا بد أن يكون غير المبني عليه، أُجيب بأن المجموع غيرٌ من حَيْث الانفراد عينٌ من حيث الجمع، ومثاله البيت من الشعر يُجْعَل على خمسة أعمدة، أحدها أوسط، والبقية أركان، فما دام الأوسط قائمًا فمُسَمّى البيت موجودٌ، ولو سَقَط ما سَقط من الأركان، وإذا سَقط الأوسط سقط مُسمى البيت، فالبيت بالنَّظر إلى مجموعة شيء واحد، وبالنظر إلى أفراده أشياء، وأيضًا فبالنظر إلى أُسِّه وأركانه الأُسُّ أصل، والأركان تَبَعٌ وتكملةٌ.
وفي قوله: "بُنِيَ الإِسلام ... " إلخ. استعارة تبعية، بأن يقدر
نام کتاب : كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري نویسنده : الشنقيطي، محمد الخضر جلد : 1 صفحه : 415