القول الأول: أن حديث الصعب بن جثامة متأخر، فحديث أبي قتادة في صلح الحديبية في العام السادس من الهجرة، وحديث الصعب في العام العاشر فهو ناسخ، وفيه أن الصيد يحرم إذا أهدي للمحرم.
والقول الثاني: أن الجمع ممكن ولا يُصار إلى النسخ إلا إذا تعذر الجمع.
والمراتب: الجمع ثم النسخ ثم الترجيح.
والجمع ممكن وهو أنه في حديث أبي قتادة لم يُعِنْهُ أحد ولم يصده لأجلهم، وأما في حديث الصعب فإنه صاده لأجل النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ومما يستفاد من الحديث:
1 - أن الإنسان إذا أهديت له هدية ولا تحل له يردها ويعتذر ويبين سبب عدم القبول كما بين النبي للصعب وقد كان كريمًا مضيافًا فدفع للنبي - صلى الله عليه وسلم - الحمار الوحشي ولكن النبي اعتذر له وقال: «إنا محرمون».
2 - أن الإنسان المحرم يحل له ما صاده غير المحرم لنفسه إذا لم يُصَدْ له ولم يعن أحدًا في صيده.
3 - ويستفاد من حديث أبي قتادة في صيد الحمار الوحشي جواز أن يستوهب من صاحبه شيئًا، وبوب البخاري في كتاب الهبة: باب من استوهب من صاحبه شيئًا .... فهذا جائز إذا علم طيب نفوسهم كأن يقول الشخص ناولني كذا وكذا فلا بأس.
ومبايعة النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه على ألا يسألوا الناس شيئًا، وأن أحدهم يسقط سوطه فينزل فيأخذه [1] هذا مبالغة في الاستغناء، وإلا فهو جائز. [1] رواه مسلم (1043) من حديث عوف بن مالك الأشجعي - رضي الله عنه -.