وهذا السياق مختصر يعنى فيه بعض الحذف عن سياق الحديث المطول والمؤلف اجتزى بهذا.
ومن ناحية التفصيل والبحث:
قول - صلى الله عليه وسلم -: «اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ، وَأَحْرِمِي»: تقدم الكلام عليه وأن الاغتسال سنة، وقد روى ابن أبي شيبة وغيره عن ابن عمر «من السنة أن يغتسل المحرم».
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ» [1] وفي بعض الألفاظ: «تلجمي» [2] والتلجّم هو التحفظ، وهذا الاغتسال ليس لرفع الحدث وإنما هو للنظافة، وإن كان يتعبد به فيجمع التعبد مع النظافة.
وقوله: «لَبَّيْكَ» التلبية بمعنى الإجابة، وأيضًا تأبي بمعنى الإقامة؛ لأنها مِنْ (ألب بالمكان) أي: أقام به، ومِنْ (لبى الشخص) أي: أجاب نداءه، وثنيت «لَبَّيْكَ» ليس للتثنية بل لمطلق التكرار، ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك: 4] ليس معنى كرتين أنه تثنية كرة بل لمطلق التكرار، والإنسان في كل طاعة هو ملبي، وإن كان الحج اختص بهذا اللفظ.
وقوله: «اللهُمَّ» يعني يا الله و «لَبَّيْكَ» تأكيدًا ثم قال: «لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ» هذا تأكيد آخر. [1] قال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه على صحيح مسلم: (واستثفري) الاستثفار: هو أن تشد في وسطها شيئا، وتأخذ خرقة عريضة تجعلها على محل الدم وتشد طرفيها من قدامها، ومن ورائها في ذلك المشدود في وسطها، وهو شبيه بثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها. [2] هذا اللفظ في جامع الترمذي (182).
قال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه على سنن ابن ماجه: (تلجمي) أي: اجعلي ثوبا كاللجام للفرس، أي: اربطي موضع الدم بالثوب.