وقد روي إن سعدًا أنكر على من قال ذلك وقال: (إنه ذو المعارج) ولكن ما هكذا كنا نقول مع النبي - صلى الله عليه وسلم - [1].
فالخلاصة: أن الملبي إذا لبى بمعنى صحيح لا بأس، ولكن السنة أن يأبي بالذي ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في الصحاح والسنن.
التلبية عن الصبيان:
وأما من لم يَبْلُغ من الصحابة ولم يميز، فكما جاء في حديث جابر - رضي الله عنه - الذي رواه أحمد، وابن أبي شيبة، والترمذي من طريق عبد الله بن نمير، عن أشعث بن سوار، عن أبي الزبير، عن جابر قال: (حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعنا النساء والصبيان فكنا نلبي عن الصبيان ونرمي عنهم) [2] هكذا إسناده عند أحمد وابن أبي شيبة.
لكن الترمذي رواه من طريق (محمد بن إسماعيل الواسطي البختري) عن عبد الله بن نمير عن أشعث بن سوار عن أبي الزبير عن جابر قال: (حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعنا النساء والصبيان فكنا نلبى عن النساء ونرمى عن الصبيان) [3] وهذا اللفظ غير محفوظ.
والحديث فيه (أشعث) وهو ضعيف. [1] رواه أحمد (1/ 171)، والشافعي (1/ 123)، وأبو يعلى (2/ 77) بسند فيه انقطاع؛ لأن عبد الله بن أبي سلمة (المجاشون) لم يدرك سعدًا ورى عنه ففيه انقطاع، وقد رواه الداروردي بسند متصل كما ذكره البزار (4/ 77)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 125) عن عبد الله بن أبي سلمة عن عامر بن سعد عن أبيه به.
فإن افترضنا أنه ثابت فيكون الرد أن المثبت يقدم على النافي، وكما ذكر ابن خزيمة أنه طالما ثبت عن جابر فيثبت، وإن خفي على من هو أكبر منه سنًا، وعلمًا، ومكانة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. [2] رواه ابن ماجه (3038)، وأحمد (3/ 314)، والطبراني (1/ 274)، وابن أبي شيبة 3/ 242)، والبيهقي (5/ 156).
وذكر الحافظ في التلخيص (2/ 270) نقلًا عن ابن القطان أن هذا اللفظ أقرب إلى الصواب من اللذي يأتي وقال: فإن المرأة لا يلبي عنها غيرها أجمع أهل العلم على ذلك والله أعلم. [3] رواه الترمذي (927)، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقد أجمع أهل العلم على أنه المرأة لا يلبي عنها غيرها بل هي تلبي عن نفسها، ويكره لها رفع الصوت بالتلبية.