ففي هذا نظر فالصحيح أن هذا الأثر موقوف على ابن عمر - رضي الله عنهما - كما رواه أحمد والطبراني في كتاب الدعاء له ([2]/ 1201) والبيهقي (9/ 79).
وثانيًا: أن هذا عند الحجر الأسود، ففيه عند من أخرجه: (فيأتي البيت ويستلم الحجر ويقول: «بسم الله والله أكبر»، وليس في الخبر زيادة اليماني، والإمام ابن القيم - رحمه الله - ساقه من حفظه، وشيخنا ابن باز - رحمه الله - ذكر نحو كلام ابن القيم في منسكه فالقول فيه كما تقدم، وزيادة البسملة قبل التكبير من اجتهاد ابن عمر - رضي الله عنه -.
أما الأركان الشامية والعراقية فإنها لا يشار إليها ولا يُكبَّر عندها ولا يلتفت إليها في أثناء الطواف؛ ولهذا أنكر ابن عباس على معاوية لما قال: ليس شيء من البيت مهجورًا. قال: صدقت ولكن ما كنا نفعل هذا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} فرجع معاوية - رضي الله عنه -.
ثم هل معنى هذا أن الكعبة لو كانت على قواعد إبراهيم أنها تستلم؟
نقول: هذا هو الأصل، ولكن هذه المسألة الآن غير متصورة؛ لأن الكعبة على ما تعلمون الآن ناقصة البناء فهذا هو البناء هو الذي كان على عهده - صلى الله عليه وسلم -.
ولما مات النبي - صلى الله عليه وسلم - حدّثت عائشة - رضي الله عنها - ابن الزبير بعدما ولي خلافة الحجاز وما والاه فمدها على الأركان الأربعة، ثم بعد ذلك لما صار بينه وبين عبد الملك ما صار وانتهى بقتله ردها عبد الملك بن مروان على ما كانت عليه، وزعم أن ابن الزبير كذب في خبره عن عائشة في بناء الكعبة، ثم ندم على ما وقع منه لما حدثه الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة أنه سمع عائشة - رضي الله عنها - تذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تمنيه بناء الكعبة على قواعد إبراهيم [1]، وخبر ندم عبد الملك بن مروان عند مسلم [2]. [1] سيأتي الحديث قريبًا إن شاء الله. [2] روى مسلم (1333) قصة ندم عبد الملك بن مروان في قصة وفادة الحارث بن عبد الله على عبد الملك، وأنه فعلًا سمع من عائشة - رضي الله عنها - أنها نقلة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تمنى أن يعيد بناء الكعبة على بناية إبراهيم - عليه السلام -.