وكذلك استدلوا بحديث عمر الذي أصله في مسلم في سياق أركان الإسلام قال: «وتحج وتعتمر وتغتسل من الجنابة» [1].
ولكنه بهذا اللفظ «تحج وتعتمر» تفرد به سليمان التيمي، ومسلم - رحمه الله - رواه بدون هذه اللفظة، وساق إسناده من طريق سليمان التيمي نفسه لكن لم يسق لفظه فقال: بنحوه.
أي: كما تقدم بلفظه الأول الذي ليس فيه زيادة «وتعتمر» فمسلم عَدَل عن هذه اللفظة، وهذا هو الحديث الثاني الذي استدل به من قال بوجوب العمرة، وهو معلول بتفرد سليمان التيمي فقد خالفه جماعة من الحفاظ.
وكذلك استدلوا بحديث الصُّبي ابن معبد عند أبي داود وغيره أنه أتى عمر فقال: إني وجدت الحج والعمرة مكتوبين عليّ في كتاب الله! فقال: (هديت لسنة نبيك) [2].
فهذا مع كونه غير صريح إلا إنه اختلف في لفظة بهذا السياق (إني وجدت الحج والعمرة مكتوبين عليّ) فهو بهذا الحرف فيه نظر، ثم إنه لو كان محفوظًا (إني وجدت الحج والعمرة مكتوبين عليّ) ليس المراد بالكتابة: الفرض فهو قابل للتأويل بمعنى أنها مشروعة، ثم إنه أحال على كتاب الله، وليس في كتاب الله وجوب العمرة كما هو معلوم!.
وإن أُريد به في حكم الله وأقره عمر، فيكون قولًا له - رضي الله عنه -.
وأصح ما استدل به على وجوب العمرة ما أخرجه أصحاب السنن من حديث أبي رزين العقيلي أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله! إن أبي شيخ كبير لا يستطيع: الحج، ولا العمرة، ولا الظعن؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حج عن أبيك واعتمر» [3]. [1] بهذا اللفظ رواه ابن خزيمة (1/ 3) رقم (1)، وابن حبان (1/ 397) رقم (173)، والدارقطني (2/ 282) رقم (207)، والبيهقي (4/ 349) رقم (8537). [2] أخرجه أبو داود (1/ 559) رقم (1798، 1799)، وغيره. [3] أخرجه الترمذي (3/ 269) رقم (930)، وأبو داود (1/ 562) رقم (1810)، والنسائي (5/ 111، 117) رقم (2621، 2637)، وابن ماجه (2/ 970) رقم (2906)، وأحمد (4/ 10، 11، 12) وابن حبان (9/ 304)، وغيرهم من أصحاب السنن والمعاجم والمسانيد.