الإِحياء شيئاً نذكره على سبيل المثال، وهو ما ذكره من الكيفية الخاصة في قص الأظفار: "ولكن سمعت أنه - صلى الله عليه وسلم - بدأ بمسبحته اليمنى، وختم بإبهامه اليمنى. وابتدأ في اليسرى بالخنصر إلى الإِبهام".
"ولما تأملت في هذا خطر لي من المعنى ما يدل على أن الرواية فيه صحيحة إذ مثل هذا المعنى لا ينكشف ابتداء إلا بنور النبوة. وأما العالم فغايته أن يستنبطه من العقل بعد نقل الفعل إليه. فالذي لاح لي فيه، والعلم عند الله سبحانه، أنه لا بد من قلم أظفار اليد والرجل، واليد أشرف من الرجل فيبدأ بها ثم اليمنى أشرف من اليسرى فيبدأ بها ثم على اليمنى خمسة أصابع والمسبحة أشرفها إذ هي المشيرة في كلمة الشهادة من جملة الأصابع ثم بعدها ينبغي أن يبتدىء بما على يمينها إذ الشرع يستحب إدارة الطهور وغيره على اليمنى وإن وضعت ظهر الكف على الأرض فالإِبهام هو اليمين وأن وضعت بطن الكف فالوسطى هى اليمنى واليد اذا تركت بطبعها كان الكف مائلاً إلى جهة الأرض إذ جهة حركة اليمين إلى اليسار واستتمام الحركة إلى اليسار يجعل ظهر الكف عالياً فما يقتضيه الطبع أولى. ثم إذا وضعت الكف على الكف صارت الأصابع في حكم حلقة دائرة فيقتضي ترتيب الدور الذهاب عن يمين المسبحة إلى أن يعود إلى المسبحة فتقع البداءة بخنصر اليسرى والختم بإبهامها ويبقى إبهام اليمنى فيختم به ترتيبها وتقدير ذلك أولى من تقدير وضع الكف على ظهر الكف أو وضع ظهر الكف على ظهر الكف فإن ذلك لا يقتضيه الطبع" [124].
هذا الذي ذكره في الإِحياء انتقده المازري ورده بأنه "يستحسن أشياء مبناها على ما لا حقيقة له مثل قوله في قص الأظفار أن تعبدأ بالسبّابة لأن لها الفضل على بقية الأصابع لكونها المسبحة إلى آخر ما ذكر من الكيفية وذكر فيه أثرا" [125]. [124] الإِحياء (ج 1 ص 146 - 147). [125] طبقات الشافعية (ج 4 ص 123) هذا ما لخصه صاحب الطبقات وهو على اختصاره يوضح أن الغزالي يستحسن ما لا حقيقة له.